أولاً: نقصد الشيوع، يعني: أن هذا المسمى .. هذا اللفظ على مسمىً شائع في جنسه، وهذا معنى النكرة: ما شاع في جنسٍ موجود أو مقدر، حينئذٍ نعتقد أولاً بالنية: أن مسمى زيد هذا شائع، لا يختص به واحد دون آخر، ثم نثني ونجمع، فنقول: زيدان وزيدون، ثم يجب أن نرد إليه التعريف الذي سلبناه أولاً، ولذلك يجب أن يعرف فيقال: الزيدان، ولذلك يرد السؤال: زيدٌ علم، فكيف دخلت عليه (أل)؟ نقول: دخلت (أل) ليست على زيد، دخلت على زيدان وزيدان نكرة، زيدان وزيدون نكرة ليس بمعرفة، وإنما المفرد هو المعرفة، فحينئذٍ لا يُقدَم على تثنية زيد أو جمعه إلا بعد قصد تنكيره، فإذا نكر سلبناه ماذا؟ العلمية، فحينئذٍ نثني ونجمع ثم يجب علينا أن نرد عليه العلمية بـ (أل).
وهذا معنى قول النحاة: لا يثنى العلم ولا يجمع إلا بعد قصد تنكيره، ويجب بعد التثنية والجمع إرجاع التعريف إليه، وذلك حاصلٌ بـ (أل) المعرفة في أوله، أو وقوعه بعد ياء النداء، يا زيدان، حصل تعيين بالقصد، يا زيدان، المنادِي دائماً يُقْبِلُ ويقصد المنادَىَ، فحينئذٍ حصل له نوع تعيين فصار معرفةً.
وقوعه بعد حرف من أحرف النداء، نحو: يا محمدان.
ثالثاً: إضافته إلى معرفة: حضر محمداك، إذاً: لا يثنى ولا يجمع العلم، فإذا أردنا تثنيته أو جمعه قصدنا أنه نكرة، يعني: لا يختص بمسمى: زيد، بل هو شائع في جنسه، فنثني ثم نجمع، ثم يجب علينا أن نرد عليه العلمية التي سلبناه إياها، إما بأل، وإما بحرف نداء، وإما بالإضافة واحدٌ من ثلاثة.
الشرط الرابع: أن يكون غير مركب .. أن يكون الذي نريد تثنيته وكذلك جمعه غير مركب، فلا يُثنى بنفسه المركب الإسنادي اتفاقاً، اتفاقاً أنه لا يُثنى بنفسه، وإنما إذا أُرِيد تثنيته أو جمعُه جيء بواسطة، أما هو في نفسه: تأبط شراً، وشاب قرناها، نقول: هذا لا يُثنى وكذلك لا يجمع؛ لأنه مركبٌ إسنادي.
وهو المركب من جملةٍ اسمية أو فعلية، وإنما بواسطةٍ نحو: جاء ذوا تأبط شراً، إذا عندك اثنان اسمهما تأبط شراً، نقول: جاء ذوا تأبط شراً، ورأيت ذوي تأبط شراً، تأتي بـ (ذو) وتثنيها، ذَوَا .. ذوي، وإذا كانوا ثلاثة فأكثر تقول: جاء ذَوُوا تأبط شراً، ورأيت ذوي تأبط شراً، ومررت بذوي تأبط شراً، واضح؟ إذاً: نأتي بواسطة وهي (ذو) التي بمعنى صاحب، نحو: جاء ذوا محمد مسافر، وذاتا أو ذواتا هندٌ مسافرة، هندٌ إذا كان مؤنث، فمحمد مسافر: هذا علم على شخص من إضافة المسمى إلى الاسم، وشاهدت ذوي محمدٌ مسافر، وذاتي أو ذواتي هندٌ مسافرة.
إذاً: الخلاصة أن المركب الإسنادي لا يثنى بنفسه ولا يجمع، تأبط شراً وشاب قرناها، لا يقال: تأبطا شراً، ولا شابا قرناها، لا وإنما ذا وجد شخصان اسمهما تأبط شراً نأتي بـ (ذو) ونقول: ذوا نثنيهما ونضيف إليهما تأبط شراً، هذا إن وجد، وكذلك المركب المزجي لا يُثنى ولا يجمع، خلافاً للكوفيين، نحو: حضرموت وبعلبك اسم بلد، وسيبويه فلا يثنى بنفسه مباشرة، مثل تأبط شراً لا يثنى بنفسه مباشرةً وإنما بواسطةٍ، تقول: هناك ذوا بعلبك، وذاتا أو ذواتا بعلبك، وزرت ذوي بعلبك، وذاتي أو ذواتي بعلبك، إذاً: لا بد من واسطة كالسابق.