وأما جمع التكسير واسم الجمع فقد يثنى .. قد يثنى، قد: للتقليل هنا، قد يثنى كل منهما أحياناً نحو: جمالين ورهطين، في تثنية جمال ورهط، جمال: هذا جمع جمل، جمع تكسير، فإذا كان عندنا نوعان متميزان من أنواع الجمال أقول: عندي جمالين، هذا تثنية جمال.
جمال ورهط بقصد الدلالة في التثنية على التنويع ووجود مجموعتين متميزتين بأمر من الأمور، رهط: هذا اسم جمع، دل على الجمع ولا واحد له من لفظه، هل يقال: رهطان أو رهطين؟ نقول: ينظر فيه، إن كان ثم مجموعتان كلٌ منهما متميز عن الآخر، فحينئذٍ لك أن تثني فتقول: هذان رهطان، ورأيت رهطين بالتثنية، بناءً على أن كل منهما مجموعة متميزة عن الأخرى، وأما إذا لم يكن كذلك فالأصل العدم، الأصل أنه لا يثنى.
وكذلك يثنى اسم الجنس غالباً للدلالة السابقة: إذا كان هناك شيئان متميزان كقولك: ماءان ولبنان، لبنٌ ولبن، لبن نقول: هذا اسم جنس إفرادي يصدق على القليل والكثير، وماء وزيت، إذا كان ثم نوعان من الزيت مثلاً تقول: هذان زيتان، واشتريت زيتين، بمعنى ماذا؟ أن كلاً منهما مغاير للآخر، هذا متميز عن ذاك.
وأكثر النحاة يمنعون تثنية جمع التكسير ويقصرونه على السماع، أكثرهم على المنع، وأما المثنى فلا يُثَنى ولا يجمع لكي لا يجتمع إعرابان بعلامتهما على كلمة واحدة، المثنى لا يثنى، لماذا؟ لأنه ثُني بألف ونون، ثم إذا ثُني مرةً أخرى اجتمع علامتان، وهذا فيه ثقل، المثنى لا يثنى، كما نقول: المعرف لا يعرف، فما دام أنه وجد على صيغةٍ بزيادةٍ تدل على التثنية حينئذٍ يمنع من تثنيته مرةً أخرى.
الثالث: أن يكون نكرة، أما العلم فلا يثنى ولا يجمع، وهذه الشروط كلها في المثنى وفي الجمع، العلم لا يثنى ولا يجمع، لماذا؟ قالوا: لأن الأصل في العلم أن يكون مسماه شخصاً واحداً معيناً:
اسْمٌ يُعَيِّنُ المُسَمَّى مُطْلَقاً عَلَمُهُ
إذاً: مسماه مشخص معين، أليس كذلك؟ هذا الأصل في وضع العلم، ولا يثنى أو يجمع إلا عند اشتراك عدة أفرادٍ في اسمٍ واحدٍ، حينئذٍ إذا ثنيته، نقول: سلبت منه التعيين؛ لأن التثنية تدل على الاشتراك، زيد وزيد زيدان، مسلم ومسلم مسلمان، اشتراك أو لا؟ اشتراك، والاشتراك ينافي التعيين، فالعلم معرفةٌ وهو في أصل وضعه دال على شخص معين، ولا يثنى ولا يجمع إلا عند الاشتراك بينه وبين غيره، فإذا ثنيته حينئذٍ عارض التعيين، فيفقد كلٌ منها تعيينه، وهذا معنى قول النحاة: لا يثنى العلم ولا يجمع إلا بعد قصد تنكيره، فإذا أردنا أن نثني زيد مثلاً، أو نجمع زيد، حينئذٍ لا بد من أن يكون نكرة، كيف نكرة؟