والثاني: أن يكون المراد هنا: ما شابه (كريماً) و (بخيلاً) في المعنى وإن لم يشابه في اللفظ، لماذا؟ لأنَّ (كريماً) و (بخيلاً) فيه دلالةٌ على أنَّ الأول أُريد به المدح، والثاني أُريد به الذَّم، ولذلك يُقال: أنَّ الشروط السابقة مأخوذة من (كريم) فلماذا ذكر (بخيل) وعطف على (كريم) .. هل فيه شرطٌ ليس في الأول؟ نعم من جهة المعنى، فـ: (كريم)، للمدح و (بخيل) للذَّم، حينئذٍ إذا كان المشابه لهما في المعنى حينئذٍ يشمل: صالح، يُجمع على (فُعَلاء) صلحاء، أشبه (كريم) في المعنى .. المدح لا في اللفظ، و (عاقل) زيد عاقل، هذا مدح، حينئذٍ: عُقَلاء .. يجمع على (عُقَلاء)، لِشَبَه ما ذُكِر بـ: (كريم) في الدَّلالة على صفة المدح لا في الوزن، وهو داخلٌ كذلك، يُجمع على (فُعَلاء).

إذاً: ما كان على وزن (فَعِيل): كريم وبخيل يُجمع على (فُعَلاء)، كذلك ما شابه هذين اللفظين في اللفظ والمعنى يُجمع على (فُعَلاء) مثل: ظريف وشريف، وهذا لا إشكال فيه واضح .. داخلٌ بالنَّص، ومثله في الحكم ما دلَّ على معنى: كريم وبخيل، مثل: صالح وعاقل، فيُجمع على (فُعَلاء) لأنَّ الأول والثاني أُريد به الوصف.

إذاً:

وَلِكَرِيمٍ وَبَخِيلٍ فُعَلاَ كَذَا ..

(كَذَا) أي: مثل ذا، (لِمَا) جار ومُجرور مُتعلِّق بقوله: (جُعِلاَ).

(ضَاهَاهُمَا) .. (ضَاهَا) هذا فعل ماضي، وفيه ضمير مستتر فاعل يعود على (مَا)، و (هُمَا) مفعولٌ به، والجملة لا مَحلَّ لها من الإعراب صلة الموصول، والعائد هو الفاعل .. الضمير المستتر في (ضَاهَا)، (قَدْ جُعِلاَ) (قَدْ) للتحقيق.

إذاً خلاصة هذا البحث: من أمثلة جمع الكثرة: (فُعَلاء) بضمِّ الفاء وفتح العين مع المدِّ، ممدوداً .. مضموم الفاء .. مفتوح العين، وهو يَطَّرد في (فَعِيلٍ) صِفةً لمذكَّرٍ عاقلٍ بمعنى (فاعل) غير مضاعفٍ ولا معتلَّ اللام نحو: كريم وكرماء، وظريف وظرفاء، وبخيل وبخلاء.

وَفُهِم من تمثيله بالمثالين: أن صِفة المدح والذَّم سيئان في ذلك، وَفُهِم منه أيضاً: التنبيه على أن الوصفين المذكورين بمعنى (فاعل).

(وَنَابَ عَنْهُ) الضمير (عَنْهُ) يعود على (فُعَلاَ)، (نَابَ عَنْهُ أَفْعِلاَءُ): نَابَ أفعلاء عنه، (نَابَ) فعل ماضي، و (أَفْعِلاَءُ) فاعل، و (عَنْهُ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (نَابَ)، ناب عنه في أي شيء؟ قال: (فِي الْمُعَلِّ لاَمَاً وَمُضْعَفٍ) إذا كان (كريم) و (بخيل) مُعتلَّ اللام حينئذٍ لا يُجمع على (فُعَلاء)، وإنَّما يجمع على (أَفْعِلاء)، فتقول مثلاً: ولي .. أولياء، غني .. أغنياء، (ولي) يُجمع على: أولياء، (ولِيٌّ) .. (فَعِيل)، (غني) كذلك على وزن (فَعِيل).

يُجمع على (أَفْعِلاء) فيقال: أولياء وأغنياء، لكونه مُعلَّ اللام، كذلك إذا كان مُضعَّف مثل: شديد، يُجمع على: أَشِدَّاء، وخليل يُجمع على: أخِلَّاء، إذاً:

وَنَابَ عَنْهُ أَفْعِلاَءُ فِي الْمُعَلّ ... لاَمَاً وَمُضْعَفٍ. . . . . . . . . . . .

لَمَّا كان قوله: (وَلِكَرِيمٍ وَبَخِيلٍ) يُوهم أنَّ (فُعَلاَ) يُجمع عليه (فَعِيلٌ) صحيحاً كان، أو معتلَّاً، أو مضاعفاً، أخرج المعتل والمضاعف بهذا البيت فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015