إذا قلبت الألف واواً أو ياءً كنت قد جهَّزت الكلمة لحرفي التثنية، إمَّا أن يكون بألفٍ ونون، أو بياءٍ ونون، تَقلب الألف إمَّا واواً أو ياءً على القاعدة السابقة، ثُمَّ أَوْلِهَا .. ألحقها (مَا كَانَ قَبْلُ قَدْ أُلِفْ)، يعني: من علامات التَّثنية، إن كان في حالة الرَّفع تقول: الفتيا، جهَّزت .. قلبت الألف ياءً، ثُمَّ تأتي بالألف والنون، أولي الياء الألف والنون، فتقول: جاء الفتيان، ورأيت الفتيين، تأتي بالياء والنون.
إذاً: نعود إلى المتن:
آخِرَ مَقْصُورٍ تُثَنِّي اجْعَلَهُ يَا ... إِنْ كَانَ عَنْ ثَلاَثَةٍ مُرْتَقِيَا
يعني: ما زاد على الثلاثة، وهنا أطلق (عَنْ ثَلاَثَةٍ) شَمِل ما إذا كانت هذه الألف منقلبة عن واو أو ياء، سواءٌ كانت أصليَّة أم زائدة، لا نلتفت إلى هذا البتَّة، وإنَّما ننظر إلى العدد فحسب، لأنَّ ما زاد على الثلاثة من ذوات الياء يُرَدُّ إلى أصله، وهذا لا إشكال فيه، يعني: إذا قُلِبت الرَّابعة أو الخامسة أو السادسة ياءً وهي منقلبة عن ياء لا إشكال فيه، وإنَّما الإشكال فيما إذا كانت مُنقلبة عن واو ثُمَّ نردَّها إلى الياء، هذا يَحتاج إلى تعليل.
وما زاد عليها من ذوات الواو يُرَدُّ الفعل فيه إلى الياء، إذاً: حملاً هنا للمقصور على فعله، تقول: ألهيتُ .. استدعيتُ، استدعى من الدعوة، أصل ألفه: واو، حينئذٍ تقول: استدعيتُ وألهيتُ، تُرَدُّ الألف إلى الياء، حملاً للمثنَّى المقصور على فعله قُلِبت الألف ياءً مطلقاً ولو كان عِلْمُنا بأنَّها منقلبة عن الواو.
وأمَّا ما زاد عليها من ذوات الواو يُرَدُّ الفعل فيه إلى الياء، نحو: ألهيتُ، واستدعيتُ، واصطفيتُ، فلذلك جُعِل الاسم الزائد على الثلاثة في التثنية ياءً وإن كان من ذوات الواو.
(كَذَا الَّذِي الْيَا أَصْلُهُ)، (كَذَا) هذا خبر مُقدَّم، و (الَّذِي) مبتدأ، و (الْيَا أَصْلُهُ) مبتدأ وخبر، والجملة لا مَحلَّ لها من الإعراب صلة الموصول، (أَصْلُهُ) يعني: أصل ألفه، (كَذَا الَّذِي) (الَّذِي) مقصورٌ .. اسم موصول يصدق على المقصور، (الَّذِي الْيَا أَصْلُهُ) (الْيَا) مبتدأ، و (أَصْلُهُ) خبر، والضمير هنا يعود على الألف، وذلك (نَحْوُ الْفَتَى) حينئذٍ تقول: (الْفَتَى) هذه الألف مُنقلبة عن ياء ولو كانت على ثلاثة أحرف، بدليل أنَّك تقول: فتيان، ((وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ)) [يوسف:36] (فَتَيَانِ) .. فتية، ((إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ)) [الكهف:13] حينئذٍ نقول: الألف مُنقلبة عن ياءٍ.
(وَالْجَامِدُ) ما إعرابه؟ معطوفٌ على (الَّذِي)، والمعطوف على المرفوع مرفوع، (وَالْجَامِدُ) عرفنا المراد بالجامد هنا: ما ليس له أصلٌ معلومٌ يُرَدُّ إليه، فيدخل فيه ما ألفه أصليَّة، وما ألفه مجهولة الأصل، (وَالْجَامِدُ) وهو نوعان:
- ما يقبل الإمالة.
- وما لا يقبل الإمالة.
وهذا يأتي في محله في: باب الإمالة.