إذاً: هذه الأمثلة الستة كلها تدخل تحت قاعدة واحدة وهو: أنَّه افْتُتِح بهمزة وصلٍ ماضيه، وحينئذٍ يكون المصدر بكسر ثالثه وزيادة مدةٍ قبل آخره، وكذا مصدر كُل فعلٍ مُعتل يكون على وزن (أَفْعَل) نَحو: أعطى إعطاءً، مثل: أكرم إكراماً .. أعطى إعطاءً، فـ: (إعطاءً) نقول: هذا ممدودٌ قياساً، لأنَّه على وزن (أَفْعَلَ إِفْعَالاً .. أكرم إكراماً). فإن نظيره من الصحيح: أَكْرَمَ إِكْرَاماً.
إذاً:
وَمَا اسْتَحَقَّ قَبْلَ آخِرٍ أَلِفْ ... فَالمَدُّ فِي نَظِيرِهِ. . . . . . . .
من المعتل عُرِف حتماً، كَمَصْدَرِ وذلك (كَمَصْدَرٍِ) .. مثال، يعني: مثل ماذا من القواعد التي يُمَدُّ ما قبل الآخر؟ قال: (كَمَصْدَرِ) الفعل الماضي الذي بُدِئ بهمز وصلٍ، كما سبق في أبنية المصادر: أنَّه تُزاد ألف قبل آخره.
كَمَصْدَرِ الْفِعْلِ الَّّذِيْ قَدْ بُدِئَا ..
الألف للإطلاق، (بِهَمْزِ وَصْلٍ) هذا مُتعلِّق بقوله: (بُدِئَا)، (كَارْعَوَى) بمعنى: انكفَّ، (وَارْتَأَى) بمعنى: تدَبَّر.
إذاً نقول: يُقاس الممدود في مُعتل الآخِر الذي قبل آخره، أو قبل آخر نظيره ألفٌ لزوماً أو غَلَبةً، بأن يكون الاسم مصدراً لـ (أَفْعَل)، أو لفعلٍ أوله همزة وصلٍ، كـ: أعطى إعطاء، وارتأى ارتئاءً، واستقصى استقصاءً، واصطفى اصطفاءً، فإن نظيره: أكرم إكراماً، واكتسب اكتساباً، واستخرج استخراجاً، هذا أولاً.
ثانياً: أن يكون واحداً لـ: (أَفْعِلَة) نحو: كساء وأكسية، ورداء وأردية، وقباء وأقبية، إذ نظيرها: حمار وأحمرة، وسلاح وأسلحة.
ثالثاً: أن يكون مصدراً لـ (فَعَلَ) بالتخفيف دالاً على صوتٍ كالرُّغاء والثغاء، فإن نظيره: الصراخ، (رغاء) هذا مصدر كما سبق معنا، فإن نظيره: الصُّراخ، أو على داءٍ كـ: المشاء، فإن نظيره: الدوار والزكام، إذاً: كلها داخلة تحت المصادر.
(وَفَعَّال) بالفتح والتشديد كـ: عدَّاء وسقَّاء، إذ نظيرهما: قتَّال وشرَّاب وَتَفْعَال، بالفتح كـ: التَّعَدَّاء والتَّرَمَّاء، إذ نظيرهما: التَّكرار والتَّطواف.
و (مِفْعَال) صفةٌ كـ: مهزاء، إذ نظيره: مهزار بخلاف غير صفةٍ كاسم الآلة، ثُمَّ ورد الصِّفة على هذا الوزن غالباً.
هذا أشبه ما يكون بأمثلة فحسب، وإلا كل القواعد السابقة من أبنية المصادر، وأسماء الآلة، واسم المكان، واسم الزَّمان، كلها قواعد عامة صَرفيَّة يدخل تَحتها الصحيح والمعتل، ما التُزِم فيه المدة قبل آخره حينئذٍ حكمت عليه بأنَّه ممدودٌ قياساً، وما التزم فيه الفتح قبل آخره وكان آخره ألف لازمة حكمت عليه بأنَّه مقصورٌ قياساً.
إذاً: المقصور القياسي والمقصور السماعي، المقصور القياسي له نظير .. لا بُد، والممدود القياسي له نظير، ما ليس له نظير حكمت عليه بأنَّه سَماعي، لماذا ليس له نظير؟ معناه: أنَّه لا يدخل تحت قاعدة، يعني: لا تَشمله قاعدة صَرفيَّة، لأنَّ القواعد الصرفيَّة عامة يدخل تحتها الصحيح والمعتل، فإذا وجدنا مُعتلَّاً انفرد بحكمٍ علمنا أنَّه لا يساويه الصحيح، فإذا لم يكن كذلك علمنا أنَّه لا يدخل تحت قاعدة، فهو عادم النظير كما قال هنا:
وَالْعَادِمُ النَّظِيرِ ذَا قَصْرٍ وَذَا ... مَدٍّ بِنَقْلٍ كَالْحِجَا وَكَالحِذَا