أصل الاسم أن يكون مُذكَّراً، والتأنيث فرعٌ عن التذكير، ولكون التذكير هو الأصل استغنى الاسم المذكَّر عن علامةٍ تدلُّ على التذكير، ولكون التأنيث فرعاً عن التذكير افتقر إلى علامةٍ تدلُّ عليه وهي التاء، والألف المقصورة أو الممدودة، والتاء أكثر في الاستعمال من الألف، ولذلك قُدِّرت في بعض الأسماء كـ: عين، وكتف.

قد يُقال: لماذا لا نُقدِّر الألف؟ والألف فرع، والتاء أصل، ولذلك هي الأكثر.

ويستدل على تأنيث ما لا علامة فيه ظاهرة من الأسماء المؤنَّثة بعود الضمير إليه مُؤنَّثاً، نحو: الكتف نهشتها، والعين كحلتها، وبما أشبه ذلك وصفه بالمؤنَّث: أكلت كتفاً مشوية، (مشوية) هذا بالتاء دلَّ على أنَّ (كتف) هذا مُؤنَّث، لأنَّه يشترط فيه التطابق.

وكردِّ التاء إليه بالتصغير: كُتَيْفَة، يُدَيَّة.

ثُم شرع في بيان مَحال هذه التاء، التاء في الغالب أن يفصل بها بين وصف المؤنَّث من المذكَّر: ضارب وضاربة .. قائم وقائمة، أنْ يؤتى بالتاء فارقةً بين المذكَّر والمؤنَّث، وهذا إنما يكون في الوصف .. الكثير الغالب في الوصف، وقلَّتْ للفصل في الجوامد .. قلَّت في الفصل بين اللفظين المذكَّر والمؤنَّث في الجامد، يعني: لا في الصفات، فالأكثر في الصِّفات كـ: قائمة وقائم، ومسلم ومسلمة، أمَّا في الجوامد فهو قليل، كـ: امرئ وامرأة، وحمار وحمارة، (حمار) هذا مُذكَّر، و (حمارة) مُؤنَّث، وهذا قليل، وإنسان وإنسانة، وغلام وغلامة هذا قليل، ولذلك قيل: هذا النوع لا ينقاس .. ليس بقياسي.

إذاً: وجود التاء فارقةً في الجوامد لا ينقاس عليه وإنما هو سماعي.

وجاءت لتمييز الواحد من الجنس كثيراً، كما سبق أنَّ اسم الجنس الجمعي ما يُفرَّق فيه بينه وبين واحده بالتاء، التي هي تاء التأنيث هذه، حِينئذٍ جاء في تمييز الواحد من الجنس كثيراً كـ: تَمرٍ وتَمرة، وبقرٍ وبقرة، إذاً: وجدت في المفرد وأسقطت من الجمع.

وعكسه قليلاً كـ: كمئ للواحد، وكمئة للجمع.

وتأتي التاء للمبالغة كـ: راوية، ولتأكيد المبالغة كـ: علَّامة، ولتأكيد التأنيث كـ: نَعْجَة، وناقة، أو لتأكيد الجمع كـ: حجارة وفحولة، أو لتأكيد الوحدة كـ: ظلمة، وغرفة، وتأتي للتعريب يعني: للدَّلالة على أنَّ اللفظ أعجمي نحو: كيالجة في جمع: كيلج، وهو الميزان أو المكيال، وتأتي للنَّسب، يعني: عوضاً عن الياء كما قال بعضهم .. للدَّلالة على النسب نحو: الأشاعثة والأزارقة، في النسب إلى: أشعث، وأزارقة إلى: الأزرق، وهي عِوضٌ عن ياء النَّسب.

وتكون عوضاً من فاءٍ كـ: عِدَة، أو عينٍ كـ: إقامة، أو لام كـ: لغة، أو مدة تفعيلٍ كـ: تزكية.

إذاً: لا تَختصُّ بكونها فارقةً بين المذكَّر والمؤنَّث، يعني: تأتي في مواضع أُخَرْ ولكنَّها على جهة القِلَّة، والغالب ألا تلحق الوصف الخاصَّ بالمؤنَّث، كـ: حائض، فلا يُقال: حائضة؟ إلا على معنىً سيأتي معنا، أو طالق .. طالقة، حامل وحاملة، هذا لا يَصِح، وطَامِث، ومرضع إلى آخره، "لعدم الحاجة إليها بأمن اللبس" .. عِلَّة لأمن اللبس، قاله الكِسَائي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015