كذلك لو قلت: منوه .. منيه، فحِينئذٍ يجتمع عندك حرف الإشباع والتاء، وتقف على التاء بالهاء فتكون ساكنة فيجتمع ساكنان، قالوا: إذاً نُؤثِر التأنيث على حركة الإعراب فلا نأت بحركة الإعراب ونقدم التأنيث، لأنَّ التأنيث أصلٌ، والإعراب هنا فرعٌ، إذاً: فاكتفوا بحكاية التأنيث وتركوا حكاية الإعراب، لأنَّ الإعراب فرع التأنيث، وإذا تعارضا، يعني: الفرع الأصل، كان مراعاة الأصل أولى وهو التأنيث.
إذاً: قدَّموا هنا وآثروا التأنيث على حركة الإعراب، إذاً: إذا سُئل عن منكورٍ وهو مُؤنَّث مفرد حِينئذٍ اللفظ واحدٌ نصباً ورفعاً وخفضاً، أن يقال: (مَنَه).
(وَالنُّونُ قَبْلَ تَا الْمُثَّنَى مُسْكَنَهْ) أي: وقل في المثنَّى المُؤنَّث لمن قال: لي زوجتان، فقل: مَنْتَان؟ بإسكان النون قبل التاء، هنا التاء للتأنيث، والألف والنون هذه للحكاية، أو: لي زوجتان مع أمتين، تقول: مَنْتيْن؟ فـ: (مَنْتَان) لحكاية المرفوع، و (مَنْتَيْن) لحكاية المخفوض والمنصوب.
(وَالنُّونُ قَبْلَ تَا الْمُثَّنَى مُسْكَنَهْ) لم يَنُصَّ هنا على المثنى كيف تأتي به، لكن تُبقي (مَنْ) كما هي فتقول: (مَنْتَان) لم تُحرِّك النون هنا بقيت ساكنة، لماذا؟ ما عندنا وقف هنا (مَنْتَان) النون ليست الثانية .. الأولى، (مَنْتَان) لماذا سَكَنت؟ لأنَّنا حَرَّكناها في (مَنُو) هناك لمُحاكاة الحركة، وهنا (مَنْتَان) ليس عندنا حركة عندنا ألف، فجئنا بالألف، فالألف هي حرف الحكاية والنون تبقى على أصلها ساكنة (مَنْ) أليست هي (مَنْ) بفتح الميم وإسكان النون؟ تبقى كما هي (مَنْتَان) .. تَان.
إذاً: زِدْتَ التاء وهي للتأنيث والألف هو حرف الحكاية، وليس عندنا حركة حكاية حتى نُحرِّك (مَنْ) كما حركناها في المفرد، (مَنُو) هناك حَرَّكنا النون للمفرد لأنَّه ليس عندنا ألف، وليس عندنا ياء، وليس عندنا واو، وإنما عندنا حركة وهي الضَّمَّة، أين تظهر؟ ليس لها مَحل إلا النون، حِينئذٍ قلت: مَنُو، ومَنَا، ومَنِي، وأمَّا (مَنْتَان) و (مَنْتَيْن) بقيت (مَنْ) ساكنة كما هي لعدم وجود ما يقتضي تحريكه، وهذا هو الأفصح.
ولذلك قال: (وَالنُّونُ قَبْلَ تَا الْمُثَّنَى) قبل تاء المثنَّى (مُسْكَنَهْ) مُسْكنةٌ، (النُّونُ) مبتدأ، و (مُسْكَنَهْ) خبر، و (قَبْلَ تَا الْمُثَّنَى) .. (قَبْلَ) منصوب على الظَّرفيَّة مُتعلِّق بقوله: (مُسْكَنَهٌ) مُسْكنةٌ قبل وهو مضاف، و (تَا) قُصِر للضرورة وهو مضاف إليه، (تَا الْمُثَّنَى) .. (الْمُثَّنَى) مضاف إليه.
(قَبْلَ) مضاف، و (تَا) مضاف إليه، (تَا) مضاف، و (الْمُثَّنَى) مضافٌ إليه.
(وَالنُّونُ قَبْلَ تَا الْمُثَّنَى مُسْكَنَهْ) يعني: النون التي هي نون (مَنْ)، وكذا النون الأخيرة، فتقول: (مَنْتَان) .. (مَنْتَيْن)، النون الأولى وهي نون (مَنْ) باقيةٌ على أصلها لا تُحرَّك لعدم وجود المقتضي للتحريك وهو الحركة، والنون الأخيرة لأنَّ (مَنْ) إنما يُحكى بها في الوقف لا في الوصل، وإنما لم ينُصَّ عليها اكتفاءً بقوله: (وَسَكِّنْ تَعْدِلْ) السابق فالحكم عام.