لو قال: إنَّ زيدٌ قائماً، فقلت أنت: قال عمروٌ إنَّ زيداً قائمٌ، حكيته باللفظ أو بالمعنى؟ بالمعنىح لأنَّك غَيَّرت الإعراب، ما حكيته كما هو، إذا حكيته كما هو حِينئذٍ قلنا: جئت باللفظ المسموع كما هو، لكن يَتعيَّن المعنى إذا كان لحنٌ في الكلام، إذا قال: إنَّ زيدٌ قائماً، إذا حكيته لا بد من إصلاحه .. لا تحكيه كما هو، تقول: قال عمروٌ إنَّ زيدٌ قائماً، لا بد من تغييره على الأصل وردِّه إلى الأصل، ثُم يكون حكايةً بالمعنى.
إذاً: يجوز حكاية الجملة على المعنى، فتقول في حكاية زيدٌ قائمٌ: قال عمروٌ قائمٌ زيدٌ، بتقديم الخبر على المبتدأ، فإن كانت الجملة ملحونة تَعيَّن المعنى على الأصح .. وجب، وبعضهم يرى أنك تحكيها كما هي: قال عمروٌ إنَّ زيدٌ قائماً، وصحح ابن هشام في الأوضح: أنَّه يجب أنْ تحكيها بالمعنى، يعني: تُغيِّر الإعراب فتردَّه إلى أصله.
هذا لم يَتعرَّض له النَّاظم: حكاية الجمل، والظَّاهر أنَّه سبق معنا في التنصيص عليه.
- ثانياً: حكاية المفرد، وأغلب ما تكون في الأعلام لكثرة دورانها في ألسنتهم، من زيداً .. من زيدٌ .. من زيدٍ؟ هذا كثير، حكاية المفرد كما هو.
- النوع الثالث: حكاية حال المفرد، وهذا النوع الثاني والثالث داخلٌ في التعريف: إيراد اللفظ المسموع على هيئته، وإن كان هذا يشمل الجملة، إلا أنَّه على تقدير النَّاظم لم يذكر الجملة، حِينئذٍ يَختصُّ بالأعلام.
أو إيراد صفته، يعني: صفة المحكي، وأكثر ما يكون بـ: (أيٍّ) الاستفهاميَّة، وهي التي ذكرها النَّاظم، وبعضهم ألحق بها (ما) الاستفهاميَّة، كلٌ منهما استفهاميتان.
وحكاية المفرد في غير الاستفهام شَاذَّة كقول بعضهم: ليس بقرشياً، رداً لمن قال: إنَّ في الدار قرشياً، قال قائل: إنَّ في الدار قرشياً، أراد أن يحكي، قال: ليس بقرشياً، هذا شاذٌّ لأنَّه في مقام (ليس)، والحكاية إنما تكون في الاستفهام فقط، (أيٌّ) و (من) من في حكاية الأعلام وغيرها، و (أيٌّ) في حكاية الصفات، أمَّا غير الاستفهام فهذا شاذٌّ.
قال النَّاظِم هنا:
احْكِ بِأَيٍّ مَا لِمَنْكُورٍ سُئِلْ ... عَنْهُ بِهَا فِي الْوَقْفِ أَوْ حِيْنَ تَصِلْ
هذا النوع الأول، لأنَّ النَّاظم ذكر ثلاثة أنواع من الحكاية:
- الحكاية بـ: (أيّ).
- والحكاية بـ: (مَنْ).
- وحكاية العَلَم بعد (مَنْ).
(احْكِ بِأَيٍّ) .. (احْكِ) هذا فعل أمر مبنيٌ على حذف حرف العِلَّة وهو الياء، احكي .. حكا يحكي، مثل: رمى يرمي، إذاً: مبنيٌ على حذف حرف العِلَّة، (بِأَيٍّ) الباء هذه للآلة أو ظرفيَّة، يعني: تكن (أي) هي سبباً أو آلةً في الحكاية، فالباء للآلة أو ظرفيَّة.
(احْكِ بِأَيٍّ) جار ومجرور مُتعلِّق بقوله: (احْكِ)، (مَا لِمَنْكُورٍ) .. (مَا) اسم موصول بِمعنى: الذي، في مَحلِّ نصب مفعول به، وهي واقعة على الحروف المَحكيَّة، (لِمَنْكُورٍ) هذا جار ومجرور مُتعلِّق بمحذوف صِلَة (مَا) ما ثبت لِمَنْكورٍ.