* الحكاية .. وحدها
* الحكاية بأي وبمن وأوجه الخلاف بينهما
* التأنيث وعلامته
* بم تستدل على تأنيث مالا علامة فيه؟
* صيغ يستوي فيها المذكر والمؤنث
* أوزان ألف التأنيث المقصورة المشهروة
* أوزان ألف التأنيث الممدودة المشهورة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:
قال النِّاظِم رحمه الله تعالى: (الحِكَايَةُ).
أي: هذا باب الحكاية، وهي مأخوذةٌ من المحاكاة، حَاكَيْتَ الشيء إذا مَاثَلتَه أو شابهتَه، حِينئذٍ تكون الحكاية المراد بها في اللغة: المماثلة أو المشابهة، هذا في المعنى اللغوي.
وأمَّا في اصطلاح النُّحاة فيعنون بالحكاية: إيراد اللفظ المسموع على هيئته من غير تغيير، كقولك: مَن زيداً؟ إذا قيل: رأيتُ زيداً، جاء زيدٌ، من زيدٌ؟ تحكيه كما هو، إن كان مفرداً .. إذا كان مثنىً .. إذا كان مجموعاً .. مرفوعاً .. منصوباً .. مخفوضاً، تحكي اللفظ بهيئته، وإنما يكون ذلك في كلامٍ سابق، يعني: يقول القائل: جاء زيد، أنت ما تعرف زيد، جاء زيدٌ .. من زيدٌ؟ تحكيه كما هو.
رأيت زيداً، بالنصب مفعول به، أنت ما تعرف زيد، فتقول: من زيداً؟ بالنصب، مررت بزيدٍ بالخفض، تقول: من زيدٍ؟ هذا يُسمَّى: حِكَايةً، إيراد اللفظ المسموع بهيئته من غير تغيير، يعني: إن كان مرفوعاً فهو مرفوع، وإن كان منصوباً فهو منصوب، وإن كان مخفوضاً فهو مخفوض، كذلك إذا كان مثنىً فهو مثنىً.
أو إيراد صفته، نَحو: أيًّاا؟ لمن قال: رأيت زيداً، أيًّاا؟ هذا صفة لزيد، كذلك تحكيه كما هو، إن كان مفرداً فمفرد، إن كان مثنىً فمثنىً، جمعاً فجمعاً، كذلك في حالة الرفع أو النصب أو الخفض، جاء زيدٌ، أيٌّ؟ رأيت زيداً، أيًّاا؟ مررت بزيدٍ، أيٍّ؟ تحكيه كما هو.
لكن (أيٍّ) هذا ليس هو عين المحكي، بل هذا صفةٌ له، حِينئذٍ: جاء زيدٌ، أيٌّ؟ نقول: هذا صفةٌ.
إذاً: إيراد اللفظ المسموع على هيئته من غير تغيير، أو إيراد صفته، والمعنِي بالصفة هنا أن يُؤتى بـ: (أيّ).
وأمَّا حكاية اللفظ أو معناه في القول هذه كذلك واردة، لكن النَّاظم لم يتحدث أو يتكلم عنها، ولذلك نقول: الحكاية على ثلاثة أقسام:
- حكاية الجمل وهي مُطَّرِدة بعد القول، نَحو: ((قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ)) [مريم:30] هذا حكاية الجملة، يقول القائل جملةً ثُم تحكيها، هذا مطرد بعد القول، وما اشتُقَّ منه كما سبق معنا هذا. حكاية الجمل سواءً كان جملة اسْميَّة أو جملة فِعليَّة مُؤكَّدة أو غير مُؤكَّدة مطلقاً، كل جملة إذا أرَدْتَ أن تحكيها فالمطرد في لسان العرب أنَّك تأتي بالقول: ((قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ)) [مريم:30] (إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ) هذه جملة مَحكيَّة بالقول، ولذلك نقول: هي في مَحلِّ نصب مقول القول.
ويجوز حكايتها على المعنى، وذلك إذا حصل تغيير إمَّا بالتقديم والتأخير، وإمَّا من جهة الحركات، فتقول في حكاية زيدٌ قائمُ فتقول: قال عمروٌ قائمٌ زيدٌ، ماذا صنعت؟ قدَّمت وأخَّرت، هو قال: زيدٌ قائمٌ، (زيدٌ) مبتدأ، و (قائمٌ) خبر، أنت قلت: قال عمروٌ، هذا (قال) الفعل، و (عمروٌ) فاعله لا إشكال فيه: قال عمروٌ قائمٌ زيدٌ، هل هذا حكاية للمسموع بلفظه أو بِمعناه؟ بمعناه، لأن هو جعل (زيداً) مبتدأ، زيدٌ قائمٌ، وأنت قلت: قائمٌ زيدٌ، إذاً: قدَّمت وأخَّرت.