الضمير هل يصح أن يكون وصفاً؟ لا ينعت به ولا ينعت، الضمير لا يصح أن يوصف به، إذاً: لا يصح إضافة (ذو) إلى الضمير، وشذ قوله: إنما يَعْرِفُ ذا الفضل من الناس ذَوُوهُ .. هذا شاذ من وجهين:
أولاً: جمع (ذو) جمع تصحيح، وهو شاذ، ثانياً: أضافه إلى الضمير، لماذا شذ إضافة (ذو) إلى الضمير؟ لأن الضمير دون واسطة (ذو) يمتنع لذاته أن يوصف به، حينئذٍ لا يجوز أن يضاف إلى (ذو).
زيد: علم، هل يصح أن ينعت بالأعلام؟ جاء زيدٌ الفاضلُ، زيد: علم، الفاضل: نعته، لكن هل يصح أن ينعت بالعلم؟ جاء الفاضل زيدٌ، التركيب صحيح أو لا؟ جاء زيد الفاضل، هذا نعت، جاء الفاضل زيد، يصح أو لا .. التركيب صحيح أو لا؟ يصح، التركيب صحيح، لكن هل يصح أن نعرب زيد على أنه نعت للعالم، أو الفاضل؟ لا، لماذا؟ لأنه لا ينعت بالأعلام، لماذا لا ينعت بالأعلام؟ لأنه ليس مشتقاً ولا مؤولاً بالمشتق، هو جامد، ولذلك لما كانت أعلام الرب جل وعلا أوصافاً في المعنى صح أن ينعت بها، كما ذكرناه في البسملة، ولذلك الرحيم، بسم اللهِ الرحْمَنِ، نقول: هذا نعت للفظ الجلالة.
كيف ينعت به، والقاعدة: أنه لا ينعت بالأعلام؟ وهذه مطردة حتى في أسماء الله عز وجل، لكن لما كانت أسماء الرب جل وعلا لها جهتان: هي أعلام وأوصاف، من حيث كونها علماً لا يجوز النعت بها، ومن حيث كونها وصفاً جاز النعت بها.
وأما زيد: هذا جامد، لا يدل على معنى، الرحمن: يدل على أنه متصف بالرحمة، وأما زيد: هذا جامد، حينئذٍ لا يصح أن ينعت به.
إذاً: لا يصح أن يضاف (ذو) إلى زيد، «أنا الله ذو بكةَ» .. قالوا: هذا نادر أو شاذ، ذو بكة، يعني: صاحب مكة، «أنا الله ذو بكة»، هذا علم، أضيفت (ذو) إليه، حينئذٍ نقول: هذا شاذ.
إذاً الخلاصة: أن (ذو) لا تستعمل إلا مضافةً، هذا أولاً، ثانياً: لا تضاف إلى الضمير، ثالثاً: أن المضاف إليه يتعين أن يكون اسم جنسٍ ظاهرٍ غيرِ صفة، اسم جنس، يعني: لا يكون ضميراً، غيرَ صفةٍ: هذا احترازاً من المشتق، يعني: لا تضاف إلى المشتق، ولما عرفنا العلة من وضع (ذي) في لسان العرب، وأنها وُصْلَةٌ حينئذٍ امتنع إضافتها إلى أربعة أشياء، لا تضاف إليها البتة، وهي: العلم، والضمير، والجملة، والمشتق، إذاً: لا تضاف إلى هذه الأربعة الأشياء.
وأما قول الشاعر:
إنما يَعْرِفُ ذا الفضل من الناس ذَوُوهُ ...
فهذا شاذ من وجهين، وأما قوله:
اذْهَبْ بِذي تَسْلَمْ ..
اذهب بذي أي: في وقت صاحب سلامة، تسلمُ: هذا جملة فعلية، بذي تسلم .. في ذي تسلم، يعني: في وقت صاحب، فذي: صفة لموصوف محذوف، اذهب بذي تسلم، يعني: في وقت صاحب سلامة، حينئذٍ أضيفت (ذو) إلى الجملة، نقول: هذا شاذ أو نادر.
وإضافتها للعلم كذلك: أن الله ذو بكة، نقول: هذا شاذ ولا يقاس عليه.
إذاً: لا تضاف (ذو) إلا إلى اسم جنس ظاهرٍ، يعني: لا مضمر، غير صفة.