ثم ما تضاف إليه (ذو) هذا ينبغي الوقوف معه، ذو: قلنا ملازمة للإضافة، ولا تضاف لياء المتكلم البتة، إذاً: ملازمة للإضافة، لا تستعمل إلا مضافةً، ولا تضاف إلى مضمرٍ، قال في القاموس: ذو كلمة صيغت ليتوصل بها إلى الوصف بالأجناس، (ذو): كلمة صيغت، يعني: وضعت في لسان العرب لفائدة، لماذا؟ ليتوصل بها، إذاً: ليست مقصودةً لذاتها، وإنما هي توصيلة، ووصلة لأي شيء؟ إلى الوصف بالأجناس، فالعرب أرادوا أن يصفوا بأسماء الأجناس، واسم الجنس: هو ما دل على معنىً كلي، سواء كان معرفاً بأل أو منكراً، المراد به ما يدل على الحقائق الذهنية يعني: الصورة التي تكون في الذهن كعلم ومال وجاه ونحو ذلك وفضل، نقول: هذه الألفاظ تدل على المعاني الكلية التي تعقل في الذهن، وهو أشبه ما يكون بالمصدر، فأسماء الأجناس مصادر، أو العكس: المصادر في الحقيقة اسم جنس.
أرادوا أن يصفوا بأسماء الأجناس، يعني: أن ينعتوا الأسماء باسم الجنس، لكن هذا ممتنع، لا يقال: جاء محمد مالٌ! يمتنع أن يوصف بمال وهو اسم جنس محمد، ولا يقال: جاء محمد علمٌ .. ولا جاء محمد عدلٌ ولا فضلٌ، هذه كلها ممتنع، إذاً: نريد أن نجعل واسطة كلمة، نتمكن بها أن نصف بما امتنع وصفه مباشرةً ليوصف به، فلما امتنع أن يقال: جاء زيد عدلٌ أو فضلٌ، قالوا: نريد واسطةً، ولذلك قال هنا: (ذو): كلمة صيغت ليتوصل بها إلى الوصف بالأجناس، فلما أرادوا أن يصفوا بأسماء الأجناس، أي: يجعلوها صفات لم يتيسر لهم ذلك؛ لأن القاعدة: أن النعت لا يكون إلا بمشتق أو ما هو في قوة المشتق، وسيأتينا:
وَانْعَتْ بِمُشْتَقَ كَصَعْبٍ وَذَرِبْ ..
لا بد أن يكون مشتقاً أو ما هو في قوة المشتق، وأسماء الأجناس جامدة ليست بمشتقة، نريد أن نعمم الفائدة فنصف الموصوفات بأسماء الأجناس، فلما تعذر أن نجعل أسماء الأجناس مباشرةً صفةً لموصوفاتها جئنا بهذه الواسطة، هذه وظيفة: (ذو)، يلزم من هذا حتى نقرر القاعدة: أن .. إذا كانت (ذو) واسطةً حينئذٍ ما وصف به مباشرةً .. جاز وصفه يمتنع إضافته إلى (ذو)، أليس كذلك؟ جاء زيد العالم، هذا مشتق، إذاً: لا يصح أن تضاف (ذو) إلى المشتق؛ لأن ذو إنما وضعت في لسان العرب من أجل أن يتوصل بما امتنع أن يوصف به مباشرةً ويلحق بالموصوف.
إذاً: ما أمكن أن يأتي مباشرةً ممنوع أن يضاف إلى ذو وهو العلم، جاء رجل يضحك .. رجل: هذا فاعل، ويضحك: الجملة صفة، إذاً: نُعت بالجملة مباشرةً، أمكن أو لا؟ أمكن، إذاً: الجملة لما أمكن أن يوصف بها الموصوف مباشرةً، إذاً: لا يمتنع أن يوصف بالجمل، بل هي بعد النكرات صفات، وهي قاعدة مطردة.
حينئذٍ لا يجوز أن تضاف (ذو) إلى الجمل؛ لأن (ذو) إنما صيغت في لسان العرب ليتوصل بها إلى أن ينعت بما بعدها ما قبلها مما امتنع دون (ذو) فما أمكن أن يوصف به مباشرةً كالعلم والجملة امتنع، هذا واحد.
ثم ما امتنع أن يوصف به مباشرةً، سيأتينا في المعارف:
أن منها ما ينعت وينعت به.
وأن منها ما ينعت ولا ينعت به.
وأن منها ينعت به ولا ينعت.