(وَمِائَةً وَالأَلْفَ لِلْفَرْدِ أَضِفْ) نَحو: عندي مائة درهم (درهم) واحد، (مائة) هذا مبتدأ وهو مضاف، و (درهمٍ) مضافٌ إليه، والعامل في الدِّرهم هنا هو نفس العدد (مائة)، و (عندي) هذا خبر مُقدَّم، ومائتا ثوبٍ .. عندي مائتا ثوبٍ، (عندي) خبر مُقدَّم، و (مائتا) هذا مبتدأ مُؤخَّر وهو مضاف، و (ثوبٍ) مضاف إليه.

هنا لا تقل تمييز، ولا تقل عدد، ولا اسم عدد إلى آخره، تُعرِب كما هو الشأن في الأسماء، وإنَّما هذا من حيث الإقدام لا من حيث الإعراب، يعني: لا يُعرب إنَّما يُقال: مضاف ومضاف إليه، إذا سئلت: ما الذي أفاده (مائتا ثوبٍ) ثوبٍ ماذا أفاد؟ نقول: هو مُميِّز، كشف حقيقة المائتين، عندي مائتا .. هذا مُبهَم .. مُجمَل يحتاج إلى إيضاح، إذا قلت: ثوبٍ، عَرفْتَ أن الشيء المعدود بالمائتين، وأمَّا من حيث الإعراب فتقول: (مائتا) هذا مبتدأ، ولا تقل: اسم عدد، إنَّما نوعه، كما تقول هناك: زيدٌ قادمٌ، (زيدٌ) تقول: مبتدأ، ولا تقل: هذا اسمٌ، إنَّما تقول: هذا مبتدأ، حِينئذٍ تذكر الإعراب فحسب.

هنا كذلك: عندي مائتا ثوبٍ، (مائتا) هذا مبتدأ مؤخر، وهو مضاف، و (ثوبٍ) مضاف إليه، من حيث المعنى: (مائتا) اسم عددٍ مُجمل يحتاج إلى مُفسِّر، و (ثوبٍ) هذا مضاف إليه هو المُفسِّر وهو المميز، و (مائتا) النون هنا حُذِفت للإضافة لأنَّه مُثنَّى (مائة)، فإذا قيل لك: لماذا جئت به مفردًا مضافًا؟ تقول: لأنَّ تمييز المائة في لسان العرب إنَّما يكون مفردًا مضافًا، هكذا سُمِع والحجَّة في السماع، ولا نحتاج إلى تعليل في مثل هذه التَّراكيب، لأنَّها أمور تُحفظ كما هو الشأن في فنِّ الصَّرف.

إذًا: مائتا ثوب، وثلاثمائة دينارٍ، هنا جُمعت: (ثلاثمائة) أضيفت (ثلاث) إلى المائة، ثُم قيل: ثوبٍ، هذا مضاف إلى المائة لا إلى الثلاث، وألف عبدٍ .. عندي ألف عبدٍ، (عندي) خبر مُقدَّم، و (ألف) هذا مبتدأ مؤخَّر وهو مضاف، و (عبدٍ) مضاف إليه، وانتهينا.

وأمَّا من حيث المعنى فتقول: (ألف) هذا اسم عدد يحتاج إلى مُميِّز، وهو عبدٍ، وجيء به مفردًا مجرورًا لأنَّه مُميِّزٌ بالألف، فلا يصح: عندي ألف رجالٍ، لأن هذا يكون تَمييزًا للثَّلاثة إلى العشرة.

وألفا أمةٍ، (ألفا) بدون نون، لأنَّه مثنَّىً وهو مضاف وأضيف إلى (أمةٍ) وهو مضاف إليه، وكذلك: عندي ثلاثة آلاف فرس، (عندي) خبر، (ثلاثة) هذا مبتدأ مُؤخَّر، وهو مضاف، و (آلاف) مضاف إليه، و (آلاف) مضاف، و (فرس) مضاف إليه، هكذا تُعربه .. إعراب كما هو الشَّأن في غيره.

وأمَّا أحكام العدد والتمييز وإلى آخره، هذه إنَّما تكون في مقام التَّعليم من أجل أنْ تنتهي إلى القاعدة السابقة أو التركيب السابق، عند السؤال والبحث حِينئذٍ تقول: هذا عدد، وهذا مائة وتمييز، وفي لسان العرب يكون مفردًا مجرورًا، وتمييز (أحد عشر) يكون مفردًا منصوبًا وإلى آخر ما يذكر من قواعد.

إذًا: (مِائَةً وَالأَلْفَ) سواءٌ كانَا مُفردين من حيث اللفظ، أو مثنيين، أو مجموعين يُلزم أن يكون المُميِّز مفردًا مجرورًا، لا يجوز أن يكون جمعًا ولا منصوبًا، وما سُمِع من نصبه فهو شاذٌّ يُحفظ ولا يقاس عليه، هذا الأصل فيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015