قال الشَّارح: "تثبت التاء في ثلاثة وأربعة وما بعدهما إلى عشرة" (في ثلاثة) يعني: في اللفظ: (ثلاثة)، وفي اللفظ: (أربعة)، وما بعدهما إلى عشرة، وما بعد (إلى) داخلٌ في الحكم، "إن كان المعدود بهما مذكرًا، وتسقط إن كان مؤنَّثا، ويضاف إلى جمعٍ" هذا شرحٌ لقوله: (اجْرُرِ) بأنَّ المراد بالجر هنا إنَّما يكون بالإضافة، يعني: بالمضاف، "نحو: عندي ثلاثة رجالٍ، وأربع نساء، وهكذا إلى عشرة" عشرة رجال، وعشر إماء.
فانظر هنا: عندي ثلاثة رجال، نقول: (ثلاثة) بالتاء لأنَّ المضاف إليه وهو معدود جمع (رجل)، و (رجل) مذكر، وهو مَذكُورٌ هنا في اللفظ، وهو جمع تكسير، وأربع نساء، هنا بدون تاء، لأنَّ (نساء) ليس له واحد، إذًا: هنا ماذا صنع؟ ليس له واحد مطلقًا من لفظه، له واحد من معناه امرأة.
إذًا: ينظر فيه إلى واحده باعتبار المعنى لا باعتبار اللفظ، وهذا (نساء) اسم جمعٍ، أربعٌ من النساء، يجوز فيه .. يُجر بـ: (من)، "وهكذا إلى عشرة" عشرة رجالٍ كذلك، و (عشرة) مراد النَّاظم هنا أطلقها (لِلْعَشَرَهْ)، انظر لم يُقيِّدْها بكونها مركبة، لأنَّ العشرة لها حالان:
- حالةٌ توافق القياس فتُذكَّر مع المذكر، وتؤنَّث مع المؤنَّث وذلك إذا رُكِّبَت، أحد عشر إلى تسعة عشر.
- وحالٌ أخرى تخالف القياس: وهي فيما إذا أُفرِدت، عشرة رجال .. عشر إماء، فـ: (رجال) يُقال فيه مثل ما قيل في: ثلاثة رجال، وهذا الحكم هنا تُقيِّده فيما إذا ذُكِر المعدود، وأمَّا إذا حُذِف وقُصِد حِينئذٍ فلك وجهان، والأفصح مراعاته كما لو كان موجودًا، وكذلك أخرج ما إذا قُصِد اللفظ عينه، يعني: نفس اللفظ، ليس المقصود المعدود، حِينئذٍ تلزم التاء، كل الأعداد من الثلاثة إلى العشرة، نقول: عشرة نصف العشرين، هنا قُصِد اللفظ عينه ولم يُقصد معدود .. ليس عندك شيءٌ معدود.
وأشار بقوله: (جَمْعَاً بِلَفْظِ قِلَّةٍ فِي الأَكْثَرِ) إلى أنَّ المعدود بها إن كان له جمع قِلَّة وكثرة لم يُضف العدد في الغالب إلا إلى جمع قِلَّة، جموع التكسير على ثلاثة أنواع:
- جمع تكسير جمع قِلَّة، سُمِع فيه جمع القِلَّة، ولم يسمع فيه جمع الكثرة.
- والثاني: عكسه، سُمِع فيه جمع الكثرة ولم يُسمَع فيه جمع القِلَّة.
- والثالث: ما سُمِع فيه النَّوعان معًا، جمع قِلَّة وجمع كثرة.
هذا سيأتينا بحثه في موضعه.
إذًا: إذا سُمِع له جَمع قِلَّة وجمع كثرة فالأفصح والأكثر أن يضاف إلى جمع القِلَّة، إذا لم يُسمَع له إلا جمع قِلَّة ما لنا حِيْلة! هو نفسه، وإذا لم يُسمع إلا جمع كثرة، كذلك ليس لنا حِيْلة! لأنَّه لا بُدَّ أن يضاف إلى جمعٍ وجمع تكسير، حِينئذٍ نقول: يضاف إلى جمع تكسير .. جمع قِلَّة وهو الأكثر هذا فيما إذا سُمِع له جمع كثرة، فيُخيَّر بين الأمرين ويُقال: الأكثر أن يضاف إلى جمع القِلَّة، وأمَّا إذا لم يسمع هذا شأنه آخر.