(ضربته) الضمير هنا إمَّا أن يعود على (زيد) فحِينئذٍ خَلَت الصِّلَة عن الضمير، وإمَّا أن يعود على (الَّذِيْ) وحِينئذٍ (ضربته) هذه جملة خبَريَّة، أين العائد على (زيد)؟ لا يوجد، هو واحد لا يُمكن أن يعود على شيئين مختلفين، فلذلك امتنع.

(كَذَا الْغِنَى عَنْهُ بِأَجْنَبِيٍّ) إذاً: عرفنا أن يكون صالحاً للاستغناء عنه بأجنبي، (أَوْ بِمُضْمَرٍ) أن يكون صالحاً للاستغناء عنه بضمير، قيل: هذا الشَّرط مغنٍ عن اشتراط الثاني: تعريفٍ بِمضمرٍ، هذا شرطٌ في الحقيقة واحد، ولذلك في: (شرح الكافيَّة) قال: " زِدْتُه لزيادة الإيضاح " لبيان فقط، لو ترك هذا الشَّرط لعُلِم من الشَّرط الرابع: (تَعْرِيْفٍ)، ولو ترك: (بِمُضْمَرٍ) لعُلِم من الشَّرط الثاني، كلٌ منهما مؤداه واحد.

وهذا الشَّرط مغنٍ عن اشتراط الثاني، لأنَّ ما لا يقبل التعريف لا يقبل الإضمار، لأنَّه في الأول اشترط التعريف، والرابع هنا اشترط الإضمار .. يجوز إضماره، وما لا يقبل التعريف لا يقبل الإضمار.

أن يكون صالحاً للاستغناء عنه (بِمُضْمَرٍ) فلا يُخبَر عن الموصوف دون صفته، إذا كان عندنا موصوف وصفته لا بِخبر عن واحد منهما دون الآخر، ولا عن المضاف دون المضاف إليه، لأنَّ ذلك كله لا يُستغنى عنه بِمضمرٍ، وكذلك لا يُخبَر عن الاسم المُجرَّد المجرور بـ: (حتى)، أو بـ: (مُذ)، أو (منذ)، لأنَّ هذه ملازمة للظاهر، وأنْتَ ستضع مَحلَّه ضمير، فكيف تدخل (مُذْ) على الضمير، أو (حتى) على الضمير؟ نقول: هذه مُختصَّة بِجر الاسم الظاهر.

ويُشترط في الاسم الذي يخبر عنه بـ: (الَّذِيْ) أن يَحلَّ مَحلَّه ضمير هذه القاعدة، لا يجوز أن تأخذه إلا أوقعت مكانه ضمير، إذاً: ما لا يَجُر الضمير لا يمكن تُوقِع مَحلَّه الضمير فامتنع. لأنَّهنَّ لا يَجررنَّ إلا الظاهر، والإخبار يستدعي إقامة ضمير مقام المخبر عنه كما تَقدَّم.

فلا تخبر عن رجل وحده من قولك: ضربت رجلاً ظريفاً، أخبر عن (رجلاً) بـ: (الَّذِيْ) تقول: لا يَصِح، لأنَّ (رجلاً) هنا الموصوف، حِينئذٍ لا بُدَّ إمَّا أن يُقال: أخبر عن رجلاً ظريفاً معاً أو لا، أمَّا (رجلاً) لوحده، أو (ظريف) لوحده فلا.

فلا تقول: الذي ضربته ظريفاً رجلٌ، هذا فاسد، لأنَّك لو أخبرت عنه لوضعت مكانه ضميراً، وحِينئذٍ يلزم وصف الضمير: الذي ضربته ظريفاً رجلٌ، (ظريفاً) ما إعرابه؟ ضربت رجلاً ظريفاً، (ظريفاً) هذا نعت لـ: (رجل) أنْتَ أخَذْتَ (رجل) ووضعت مكانه ضمير، إذاً: (ظريفاً) صار نعتاً للضمير والضمير لا يُنْعَت، إذاً: لا يصح.

ضربت رجلاً ظريفاً، فلا تقول: الذي ضربته ظريفاً رجلٌ، (ضربته) الضمير هنا وضعته موضع (رجل)، و (ظريفاً) بقي على حاله، و (رجلٌُ) رفعته على أنَّه خبر، إذاً: الإعراب يصير هكذا: (ضربته) فعل وفاعل ومفعولٌ به، و (ظريفاً) نعتٌ للمفعول به الذي هو الضمير، وهذا فاسد لأنَّ الضمير لا يُنْعت، لأنَّك لو أخبرت عنه لوضعت مكانه ضميراً، وحِينئذٍ يلزم وصف الضمير، والضمير لا يوصف ولا يوصف به، فلو أخبرت عن الموصوف مع صفته جاز ذلك لانتفاء هذا المحذور.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015