إذاً: (يقوم) ليس هو جواب الشَّرط، وإنَّما هو دليل الجواب، يعني: كان مُتقدِّماً فتأخَّر، وأصل التركيب: يقوم عمروٌ إنْ قام زيدٌ، حِينئذٍ أخَّرته فبقي على رفعه فهو فعل مضارع مرفوع لتجرُّده عن النَّاصب والجازم، و (عمروٌ) فاعله، أين الجواب؟ مَحذوفٌ دلَّ عليه هذا المتقدِّم الذي تأخَّر.
إذاً: رفعه ليس لكونه معمولاً للأداة، الأداة لا تعمل إلا الجزم، حِينئذٍ لا يمكن أنْ تعمل الرَّفع في وقتٍ واحد، تجزم الأول وترفع الثاني هذا ليس من شأن الجوازم، ثُم الرَّافع تقرَّر سابقاً أنَّه هو التَّجرُّد، يعني: لم يسبقه جازمٌ ولا ناصب، وحِينئذٍ نقول: هنا لم يسبقه جازم؟ نعم، لم يسبقه جازمٌ، وهذا الذي تلفظنا به: إنْ قام زيدٌ يقوم عمروٌ، نقول: هذا في رتبة التأخير، والأصل: يقوم عمروٌ إنْ قام زيدٌ، فتَقدَّم يقوم عمروٌ، والجواب حِينئذٍ يكون مَحذوفاً.
وإذا عطفت على: يقوم عمروٌ، هل يجوز الجزم على المحل؟ لا يجوز الجزم، لماذا؟ لأنَّه ليس بِجوابٍ بل الجواب محذوف، وهذا دليل الجواب فهو مُتقدِّم.
إذاً: (وَبَعْدَ مَاضٍ رَفْعُكَ الْجَزَا حَسَنْ) لماذا نرفعه؟ على مذهب سيبويه أنَّه مرفوعٌ بالتجرُّد عن الناصب والجازم، وأنَّ رتبته التَّقديم، وعليه إذا عطفت عليه لا يجوز فيه الجزم، وذهب الكوفيون إلى أنَّه على تقدير الفاء، وعليه يكون المرفوع نفس الجواب، يعني: المرفوع هو الجواب، ويكون على إسقاط الفاء: إنْ قام زيدٌ فيقوم عمروٌ، إذاً: (يقوم) فعل مضارع مرفوعٌ لتجرُّده عن النَّاصِب والجازم، و (عمروٌ) فاعله، والجملة في مَحلِّ جزم جواب الشَّرط .. هي جواب الشَّرط، فتكون في مَحلِّ جزم، وإنَّما الذي حصل أنَّ الفاء قد أُسقطت .. حُذفت، وهذا فيه نظر.
فحِينئذٍ يَجوز جزم ما عُطف عليه، وقيل: أنَّه ليس على التقديم والتأخير، ولا على حذف الفاء بل لَمَّا لم يظهر لأداة الشَّرط تأثيرٌ في فعل الشَّرط لكونه ماضياً ضَعُفَت عن العمل في الجواب، وهذا أضعف.
إذاً: ثلاثة مذاهب في رفع الفعل إذا وقع مضارعاً بعد الماضي إذا كان فعل الشَّرط، في مثل هذا التركيب: إنْ قام زيدٌ يقم عمروٌ، هذا الأصل بالجزم، حِينئذٍ (قام) هذا فعل الشَّرط، و (يقم) جوابه ولا إشكال أنه مجزوم بـ: (إنْ)، لكن لو رُفِع وقد سُمِع رفعه، حِينئذٍ فيه ثلاثة مذاهب:
- مذهب سيبويه: أنَّه متأخِّر عن تقديم، والأصل أنَّه: يقوم عمروٌ إنْ قام زيدٌ، حُذف الجواب وتأخَّر هذا المُتقدِّم فصار دليلاً على الجواب.
- القول الثاني وهو مذهب الكوفيين: أنَّه هو الجواب ولكن على إسقاط الفاء، والأصل: إنْ قام زيدٌ فيقوم عمروٌ، فالجملة في مَحلِّ جزمٍ جواب الشَّرط، وقيل: لا تقديم ولا تأخير رداً لمذهب سيبويه، ولا على إسقاط الفاء، بل لَمَّا رُفِع دَلَّ على أنَّ (إنْ) إنَّما عملت في فعل الشَّرط، ثُم ضَعُفَت عن عملها في الجواب فرفع على الأصل، وهذا غريب، لأنَّه قد يُقال: إنْ قام زيدٌ يقم عمروٌ، لماذا لم تضعف هنا وضعفت في: يقوم عمروٌ؟ هذا التعليل عليل، والرَّاجح هو مذهب سيبويه.