* ما يجوز في الجواب إذا كان فعل الشرط ما ضياَ
* تخلف (إذا) الفجائية الفاء بشروط
* متى يجوز إقتران الفاء بجواب الشرط؟
* الفعل المضارع الواقع بين فعل الشرط وجوابه بعد عاطف
* حذف الجواب إذا دل عليه دليل ومثله الشرط.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:
فلا زال الحديث في باب عوامل الجزم، وذكرنا أنَّ النَّاظِم رحمه الله تعالى قسَّم الأدوات الجازمة للمضارع إلى قسمين:
- ما يجزم فعلاً واحداً، وما يجزم فعلين اثنين، وذكر ما يجزم فعلاً واحداً في قوله:
بِلاَ وَلاَمٍ طَالِبَاً ضَعْ جَزْمَا ... فِي الْفِعْلِ هَكَذَا بِلَمْ وَلَمَّا
ثُم ذَكَر ما يجزم فعلين اثنين وهي إحدى عشرة أداة، نقول: أداة ولا نقول: أسْماء أو حروف، لا نُعيِّن هذا أو ذاك وإنما نقول: أداة، لأن الأداة أعمُّ من الحرف أو الاسم، فيشمل ما إذا كان الجازم حرفاً، وما إذا كان الجازم اسماً، وبَينَّا ما يَتعلَّق بهذه الأدوات الإحدى عشرة.
فِعْلَيْنِ يَقْتَضِينَ شَرْطٌ قُدِّمَا ... يَتْلُوْ الْجَزَاءُ وَجَوَابَاً وُسِمَا
بَيَّن لنا أنَّ هذه الأدوات التي تجزم فعلين تحتاج شرطٍ وجوابه، الشَّرط الأول الذي قُدِّما، والثاني الجزاء الذي يتلوه ويُسمَّى جواباً، ثُم بيَّن لنا أنَّ هذين الفعلين قد يكونا ماضيين، يعني: لفظاً لا معنى، أو مضارعين، أو متخالفين، يعني: الأول ماضي والثاني مضارع، أو بالعكس، وهذه أربعة أحوال وكلها واردة وإن كان الأخير مُختلف فيه وهو ما إذا كان الأول مضارعاً والثاني ماضياً، والجمهور على المنع، وخصَّوه بالضرورة والصواب الجواز للحديث الذي ذكرناه.
فأمَّا الماضي الواقع شرطاً أو جزاءً حِينئذٍ إذا جاء فعل الشَّرط ماضياً أو جاء جواباً حِينئذٍ كيف نقول: هذه جوازم ومع ذلك لا يظهر الأثر في الفعل الماضي، لأن الجزم إعراب، حِينئذٍ إن كان الجزم إعراباً كيف يكون أثره في الفعل الماضي؟ نقول: الجزم قد يكون لفظاً، وقد يكون مَحلاً، وإذا كان كذلك فالفعلان .. فعل الشَّرط وجواب الشَّرط إمَّا أن يكونا أحدهما أو هما ماضيين، وإمَّا أن يكونا مضارعين أو أحدهما مضارع.
فإذا كان مضارع لا إشكال، واضح أنَّ الإعراب يكون ظاهراً، وإذا كان ماضياً حِينئذٍ يكون في مَحلِّ جزمٍ، والإعراب إنَّما يكون للفعل نفسه لا للجملة، إذا قلت: إنْ قام زيدٌ قمت، (إنْ) حرف شرط، (قام) فعل مضارع مبني على الفتح في مَحلِّ جزم فعل الشَّرط، تُعربه قبل أن تُعرب فاعله .. قبل أن تعرب الفاعل تقول: فعلٌ ماضي مبنيٌ على الفتح في مَحلِّ جزم، ولا تقل: (قام) فعلٌ ماضي والفاعل زيد، والجملة في مَحلِّ جزم لا، إنَّما فعل الشَّرط يكون فعلاً.
حِينئذٍ إذا كان ماضياً يكون الإعراب الذي هو الجزم مُسَّلطاً على المَحل لا على اللفظ، فأمَّا الماضي الواقع شرطاً أو جزاءً فهو في موضع جزمٍ، لأنَّه مبنيٌ لا يظهر فيه إعرابٌ، وأمَّا جزم المضارع فلا إشكال فيه شرطاً كان أو جزاءً، لأنَّ الجزم من خَواصِّه .. إعرابٌ، والمضارع يُجْزَم، وهذا الباب معقودٌ لبيان جوازم الفعل المضارع.
إذاً: لو وقع الشَّرط والجواب مضارعين أو أحدهما مضارع حِينئذٍ يكون مَجزوماً ظاهراً.
وأمَّا جزم المضارع فلا إشكال فيه شرطاً كان أو جزاءً في الأربعة الأنحاء .. الأقسام كلها، ويجوز رفع المضارع إذا كان جزاءً، وإلى ذلك أشار بقوله: