نحو قوله تعالى: ((لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ)) [النساء:165] لِئَلَّا يَكُونَ (يَكُونَ) هذا فعل مضارع منصوب بـ: (أنْ)، أين (أنْ) مُضْمَرة أو ظاهرة؟ ظاهرة، أين هي؟ مُدغَمة (لِئَلَّا) الهمزة هذه همزة ماذا؟ همزة (أنْ)، إذاً: (لِئَلَّا) اللام الأولى لام الجر .. لام التَّعليل، و (أنْ) ثُم جاءت (لاَ) إذاً: وجب إظهار (أنْ) في هذا الموضع، وذلك إذا دَخَلَت على منفيٍ بـ: (لاَ) هذا يَتَعيَّن فيه الإظهار، سواءٌ كانت (لاَ) نافيةً كالمثال السابق أو زائدة، نحو:
((لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ)) [الحديد:29] ليعلم أهل الكتاب، (لاَ) هنا زائدة، لِئَلَّا يَعْلَمَ (يَعْلَمَ) هذا فعل مضارع منصوب بـ: (أنْ) مُظهرةً، لماذا مظهرةً؟ للفصل بينها وبين الفعل بـ: (لاَ) كراهة توالي لامين، حينئذٍ وجب إظهار (أنْ).
إذاً:
وَبَيْنَ لاَ وَلاَمِ جَرٍّ الْتُزِمْ ... إِظْهَارُ أَنْ نَاصِبَةً. . . . . .
هذه الحالة الأولى (أنْ) مع لام التَّعليل .. لام الجر، وهو وجوب إظهارها.
الحال الثاني، قال: (وَإِنْ عُدِمْ لاَ) (لاَ) ما إعرابها؟ نائب فاعل، (عُدِمْ لاَ) (وَإِنْ عُدِمْ لاَ) يعني: لم يُذْكر .. ليس في التركيب (لاَ) (فَأَنِ اعْمِلْ مُظْهِراً أَوْ مُضْمِراً) يجوز فيه الوجهان: أن يكون الفعل بعد لام الجَر منصوباً بـ: (أنْ) مُضمرة، يعني: محذوفة وتنوى، أو منصوباً بـ: (أنْ) ظاهرةً، ولذلك جاء: ((وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) [الأنعام:71] .. ((وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)) [الزمر:12] (لِأَنْ أَكُونَ) أظهرت (لِنُسْلِمَ) أضمرت.
لماذا أضمرت؟ جاز الوجهان، لأنه لم يفصل بينها وبين مدخولها (لاَ) وليست هي (لاَ) المسبوقة بما كان ولم يكن.
(وَإِنْ عُدِمْ لاَ فَأَنِ اعْمِلْ مُظْهِراً أَوْ مُضْمِراً) (فَأَنَ اعْمِلْ) ما إعرابها؟ (اعْمِلْ) هذا فعل أمر، والفاعل أنت، و (أنْ) مفعول به مُقدَّم، فأعملن .. فأعمل أنْ، يعني: اعملها، (مُظْهِراً) أنت .. حال من المفعول به، أعمل (أنْ) مظهَراً، يعني: الحرف مظهَراً، حالٌ من (أنْ) .. من المفعول به، مظهراً أنت، إذاً: يَجوز الوجهان .. يجوز الضبطان: (مُظْهِر) باسم فاعل و (مُظْهَر) باسم المفعول.
إن جعلته: (مُظْهِراً) فهو حالٌ منك أنت .. من فاعل (اعْمِلْ) ضمير مستتر، (مُظْهَراً) من الحرف نفسه.
(فَأَنِ اعْمِلْ مُظْهِراً أَوْ مُضْمِراً) أي: يَجوز إظهار (أنْ) وإضمارها بعد اللام، إذا لم يسبقها كونٌ ناقص ماض لفظاً ومعنىً، أو معنىً فقط، كما سيشير إليه بقوله: (وَبَعْدَ نَفْيٍ).
إذا لم يسبقها كونٌ ناقص ماضٍ منفيٍ، ولم يقترن الفعل بـ: (لاَ) فالإضمار نَحو: ((وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) [الأنعام:71] والإظهار نَحو: ((وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ)) [الزمر:12] فإن سبقها كون ناقص .. ماضٍ .. منفي، وجب إضمار (أنْ) بعدها وإلى هذا أشار بقوله: (وَبَعْدَ نَفْيِ كَانَ حَتْمَاً أُضْمِرَا) يعني: لام الجحود.
إذاً:
وَبَيْنَ لاَ وَلاَمِ جَرٍّ الْتُزِمْ ... إِظْهَارُ أَنْ نَاصِبَةً. . . . . . .