كذلك هي الملاصقة للفعل، وما كان ملاصقاً للفعل فالأولى أن يكون هو العامل في الفعل دون (كَيْ) وما كان أصلاً لا يكون مؤكِّداً لغيره، ويجوز الأمران في نحو: جئت كَي تفعل، ((كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً)) [الحشر:7] يجوز الأمران، يعني: أن تَجعل (أَنْ) مضْمَرة بعد (كَيْ) وأن تَجعل (كَيْ) هي النَّاصِبة، إمَّا أن يكون الفعل منصوباً بـ: (أَنْ) مضمرة بعد (كَيْ) وإمَّا أن تكون (كَيْ) هي النَّاصِبة، لكن تُقدِّر قبلها اللام.
فإن جُعِلَت جارَّة كانت (أَنْ) مُقدَّرة بعدها، وإن جُعِلَت ناصبة كانت اللام مُقدَّرة قبلها، وهذا مذهب سيبويه والجمهور: أنَّ (كَيْ) تكون حرف جر ومَصْدريَّة، إذا كانت حرف جَرْ حينئذٍ جَرَّت (أَنْ) ومدخولها المصدر، وإذا كانت مَصدريَّة حينئذٍ لا يكون مجروراً إلا باللام المُقدَّرة قبلها.
وذهب الكوفيون: إلى أنَّها ناصبةٌ للفعل دائماً، وتأولوا ما احْتَمَل غير ذلك، وذهب قوم: إلى أنَّها حرف جر دائماً.
إذاً ثلاث مذاهب:
- (كَيْ) تكون حرف تعليل وجر، وتكون ناصبة على التفصيل الذي ذكرناه.
- وعند الكوفيين: أنَّها لا تكون إلا ناصبة البتَّة دائماً.
- وقال بعضهم: إنَّها تكون حرف دائماً، والصواب: ما ذهب إليه جمهور البصريين.
ومنع الجمهور تقديم معمول (كَيْ).
هناك في لَنْ قلنا: يَجوز تقديم معمول معمولها: زيداً لن أضرب جاز، وأمَّا (كَيْ) فلا يَجوز.
ومنع الجمهور تقديم معمول معمول (كَيْ) خلافاً للكسيائي فيجوز عنده: جئت النَّحْوَ كَي أتعلم .. جئت كي أتَعلَّم النَّحْو، يجوز عند الكسائي وعند الجمهور يمتنع، لماذا يتمنع؟ قالوا: لأن (كَيْ) من الموصولات الحَرْفيَّة، ومعمول الصِّلَة لا يَتقدَّم على الموصول بِخلاف لَنْ ليست من الموصولات، يعني: لا تؤول مع ما بعدها بِمصدر، وأمَّا (كَيْ) فهي موصولٌ حرفِيِّ، وهي من الخمسة التي ذكرناها سابقاً، وحينئذٍ تؤول ما بعدها للمصدر، وما كان كذلك فحينئذٍ لا يَتقدَّم معموله ولا معمول معموله عليه البتَّة.
لأن (كَيْ) من الموصولات الحرفيَّة، ومعمول الصِّلة لا يَتقدَّم على الموصول، وإن كانت جارَّة فـ: (أنْ) مُضْمَرة بعدها وهي موصولة.
إذاً: (وبِلَنِ انْصِبْهُ وَكَيْ) (كَي) هو النَّاصِب الثاني.
استعمالات (كَي) .. خلاصة ما سبق: أنَّ (كَيْ) تُذكر وحدها، فيقال كما في قوله تعالى: ((كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً)) [الحشر:7] إذاً: ذكرت (كَي) وحدها هنا.
الثاني: أنْ تُذكَر مسبوقةً باللام فقط ((لِكَيْلا تَأْسَوْا)) [الحديد:23] (لِكَيْ) اللام سبقت (كَي) هذا استعمالٌ في لسان العرب.
الثالث: تُذْكَر قبل (أنْ) المصدرية وهذا قيل: ضرورة، يعني: لا تظهر (أنْ) لكن استُعمِل، كقوله: (كَيْمَا أَنْ تَغُرَّ وَتَخْدَعا) كَيْمَا أَنْ إذاً: قيل (كَي) وظهرت بعدها (أَنْ).
الاستعمال الرابع: تُذْكَر مسبوقةً باللام وبعدها (أنْ) المَصْدريَّة: (لِكَيْماَ أَنْ تَطِيرَ بقرْبَتِي) لِكَيْماَ أَنْ جاءت اللام ثُم (كَي) ثُم (أنْ) جُمع بينها.