* ينصب الضارع بـ (كي وأن) ـ
* إهمال (أن) حملاعلى (ما) المصدرية
* ينصب المضارع بـ (إذن) بشروط
* مواضع إعمال (أن) ظاهرة أو مضمرة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:
قال النَّاظِم - رحمه الله تعالى -: (وَبِلَنِ انْصِبْهُ وَكَيْ) عرفنا أن (كَيْ) لها ثلاثة أحوال في لسان العرب: إمَّا أن تكون اسْماً مختصراً من (كيف) وإمَّا النوع الثاني أن تكون بمنزلة لام التعليل معنىً وعملاً، وهذا قلنا: داخلة على (مَا) الاستفهامية، و (مَا) المصدريَّة، وكذلك على (أَنْ) المصدرية مُضمَرةً، نَحو: جئت كي تُكرِمنِي (تُكرِمنِي) هذا فعل مضارع منصوب بـ: (أَنْ) مضمرة بعد (كَيْ) وحينئذٍ (أَنْ) وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بـ: (كَيْ) إذاً: هي بِمنزلة لام التعليل.
ولا يَجوز إظهار (أَنْ) بعدها، فأمَّا قول الشاعر: (كَيْمَا أَنْ تَغُرَّ) هذا ضرورة، وله توجيه سيأتي معنا.
ثالثاً: تكون بِمنزلة (أَنْ) المصدرية معنىً وعملاً، وهو مراد النَّاظِم هنا، وهي النَّاصِبَة: (وَبِلَنِ انْصِبْهُ وَكَيْ) يعني: بنفسها، ويتَعيَّن ذلك الحكم بكونها مَصدريَّة في الواقعة بعد اللام وليس بعدها (أَنْ) كما في قوله تعالى: ((لِكَيْلا تَأْسَوْا)) [الحديد:23] (تَأْسَوْا) هنا فعل مضارع منصوبٌ بـ: (كَيْ) بنفسها، و (كَي) هنا لم يقع بعدها (أَنْ) فهي ناصبةٌ. تَعيَّن ذلك في الواقعة بعد اللام ((لِكَيْلا)) [الحديد:23].
ولا نُقدِّر (أَنْ) هنا، لماذا؟ لأننا لو قَدَّرْنا (تَأْسَوْا) منصوبٌ بـ: (أَنْ) مضمرة بعد (كَيْ) لزم دخول اللام على (كَيْ) وهي حرف تعليل، إذاً: دخل حرفٌ على حرف، وهذا لا يجوز، أن يدخل حرف على حرف هذا مُمتنع، ولكن إذا دخل اللام على (كَيْ) وما بعدها يكون مصدراً مؤولاً بـ: (كَيْ) .. مع (كَيْ) حينئذٍ جاز، لأن اللام قد دخلت على اسمٍ مؤول.
وأمَّا ((لِكَيْلا)) [الحديد:23] بأن تكون اللام حرف جر، و (كَيْ) كذلك حرف جر وتعليل، و ((تَأْسَوْا)) [الحديد:23] منصوب بـ: (أَنْ) مضمرة بعد (كَيْ) هذا مُمتنع، لأنه يلزم منه دخول حرف الجر على حرفٍ آخر.
ولا يجوز أن تكون حرف جرٍ لدخول حرف الجر عليها، فإن وقع بعدها (أَنْ) نَحو قول الشاعر: (أَرَدْتَ لِكَيْماَ أَنْ تَطِيرَ بِقرْبَتِي) (لِكَيْمَا أَنْ تَطِيرَ) وقعت (أَنْ) بعد (كَيْ) احتمل أن تكون مَصْدَريَّة مؤكَّدة بـ: (أَنْ) .. هي مَصْدريَّة بنفسها وأكِّدَت بـ: (أَنْ) (لِكَيْمَا أَنْ تَطِيرَ) فهي (كَيْ) هنا مَصْدريَّة، و (أَنْ) توكيدٌ لها.
وأن تكون تَعلِيليَّة مؤكِّدة للام، والثاني أرجح .. ما هو الثاني؟ أن تكون تَعلِيليَّة مؤكِّدة للام، الثاني أرجح لئلا يلزم تقديم الفرع على فالأصل، فـ: (أَنْ) هي أمُّ الباب فلا تُجعَل مؤكِّدة لـ: (كَيْ) يعني: إذا جعلنا (أَنْ) مؤكِّدة لـ: (كَيْ) أيهما أصْل؟ (أَنْ) هي الأصل في الباب، حينئذٍ جعلنا الأصل مؤكداً للفرع، وهذا خلاف الأصل.