يعني: جَعْلُ كلمة على مثال كلمة أخرى (فَلَيْسَ يَنْصَرِفْ) الفاء هذه زائدة، لأن (مَا) مبتدأ وفيه معنى العموم، بل هي من صِيَغ العموم، وعليه يَجوز زيادة الفاء في الخبر، وقوله: (لَيْسَ يَنْصَرِفْ) (لَيْسَ) فعل ماضي ناقص، والاسم ضمير مستتر يعود على (مَا) و (يَنْصَرِفْ) هذا فعلٌ في محل نَصْب خبر (لَيْسَ).
إذاً مراده هنا: أنَّه إذا سُمِّي بما فيه ألف الإلحاق، يعني: اجتمع فيه عِلَّتان: العَلميَّة وهي ثابتة، ثُمَّ المُسمَّى به ما فيه ألف الإلحاق، وليست هي ألف التأنيث السابقة، لئلا يُقال: بأنَّه اجتمع عندنا تأنيثٌ وعَلميَّة، يعني أنه إذا سُمِّي بما فيه ألف الإلحاق امتنع صرفه للعَلميَّة وشبه ألف التأنيث، وليست هي ألف التأنيث، نحو: عَلْقَى، مُسمَّىً به لأنه ملحق بـ: جَعْفَر، عَلْقَى أصله: هو العين واللام والقاف، مثل: جَلَبَ، ألحقت به ألف التأنيث المقصورة من أجل أن يُلحق بـ: جَعْفَر.
وفُهِم منه: أنَّ الإلحاق إذا كان بالهمزة وسُمِّي به انصرف، ولذلك قلنا: يَجب تقييده (مِن ذِي أَلِفْ) المراد به الألف المقصورة لا الممدودة، فإن كانت مَمدودةً حِينئذٍ انصرف مثل: عَلْبَاء، الهمزة هنا ممدودة وهي للإلحَاق.
وفُهِم منه: أنَّ الإلحاق إذا كان بالهمزة وسُمِّي به انصرف، وذلك نحو: عَلْبَاء، فإنَّه ملحقٌ بـ: قِرطَاس، وإنما أثَّرَت ألف الإلحاق المقصورة دون الممدودة لأنها زائدةٌ غير مُبْدَلة من شيء، بِخلاف الممدودة، فإن همزتها مبدلة من ياء، إذاً: عَلْقَى، الألف هذه زائدة ليست مُبدلة من شيء، وأمَّا: عَلْبَاء، فهي مُبدلة من ياء، لذلك أثَّرَت المقصورة دون الممدودة.
وَمَا يَصِيرُ عَلَماً مِنْ ذِيْ أَلِفْ ... زِيْدَتْ لإِلْحَاقٍ فَلَيْسَ يَنْصَرِفْ
ولم تستقل ألف الإلحاق بالمنع كألف التأنيث، لأن الملحق بغيره أحط رتبةً منه، لأنه سبق أن الممدود والمقصور كلاهما للتأنيث، وهو مِمَّا يكفي أو يقوم عِلَّة مقام عِلَّتين، وهنا ليس الأمر كذلك، وإنما احتَجْنا إلى عِلِّةٍ أخرى، لماذا لا يُقال في: عَلْقَى، أنَّه مِمَّا قامت فيه عِلَّة مقام عِلَّتين، مثل: سَلْمَى، وحَبْلَى هناك؟
نقول: هنا مُلحقٌ بغيره، والملحق بغيره أحط رتبةً، وذاك أصلٌ بنفسه، وما كان أصلاً بنفسه يَمنع، وما كان ملحقاً بغيره فهو في درجة ثانية.
قال الشَّارِح هنا: " أي: ويُمنع صرف الاسم أيضاً للعَلميَّة وألف الإلحاق المقصورة" ألف الإلحاق المقصورة فقط، بخلاف الممدودة نحو: عَلْبَاء. "كـ: عَلْقَى، وأرْطَى (عَلْقَى) اسم نَبْتٍ و (أرْطَى) اسم شَجْرٍ، فتقول فيهما: علمين، هذا عَلْقَى، ورأيت عَلْقَى، ومررت بِعَلْقَى" يعني: ما يظهر فيه.
"فتمنعه من الصَّرْف للعَلميَّة وشبه ألف الإلحاق بألف التأنيث، إذاً: أشْبَهت هذه الألف ألف التأنيث في: سَلْمَى وحُبْلَى هناك، ولم تَمنع بمفردها لِمَا ذكرناه من عِلَّة، ووجه الشَّبَه من جهتين:
- أنها زائدة ليست مُبدَلة من شيءٍ بِخلاف الممدودة، فإنها مبدلة من ياء.