قال: ذهب الزَّجاج: إلى أنَّه مُتحتِّم المنع .. واجب المنع، لأن السكون لا يُغيِّر حُكماً أوجبه اجتماع عِلّتين يَمنعان الصَّرْف، وهذا هو الموافق للأصول: أن السكون هنا لا دخل له في عدم تأثير العِلَّتين، لأن هذه عِلَّة إذا وجِدَت أثَّرَت، ما هو التأثير؟ المنع من الصَّرْف، والأصل فيه إذا مُنِعَ من الصَّرْف ألا يجوز صرفه، هذا الأصل فيه، حِينئذٍ كونه يجوز فيه الوجهان هذا خلاف الأصل.
قيل: وإذا صُغِّرَ نحو (هِنْد) .. إذاً: عرفنا (هِنْد) فيه وجهان: الصَّرْف وعدمه، وكُله مسموع، إلا أنَّ عدم الصَّرْف أحق، لأنه الأكثر وموافقٌ للأصول.
وإذا صُغِّرَ نحو (هِنْد) تَحتَّم منعه لظهور التاء، لو قيل: هُنَيْدةُ، ممنوع أو لا؟ (هِنْد) يَجوز فيه الوجهان (هُنَيْدةُ) تصغيره؟ المنع مُطلقاً، لماذا؟ لأنه دخل في النوع الأول: (كَذَا مُؤَنَّثٌ بِهَاءٍ مُطْلَقَاً) فـ: (هُنَيْدةُ) هذا ممنوعٌ من الصَّرْف.
وإذا سُمِّي مُذكَّر بِمُؤنَّث مُجرَّد من التاء، فإن كان ثلاثياً صرف مُطلقاً خلافاً للفَرَّاء، لو سُمِّي رجل: هِنْد، أو: دَعْد، صُرف مُطلقاً، لماذا؟ لأنه ليس مُؤنَّثاً، وإنما وجدت فيه العَلميَّة فحسب، (زيد) جاء زيدٌ .. رأيت زيداً .. مررت بزيدٍ، عَلَم لمذكَّر هو مصروف، حِينئذٍ إذا جَعَلته عَلَم لمُؤنَّث صار ممنوعاً من الصَّرْف لاجتماع العِلَّتين، وجد فيه التأنيث مع كونه عَلَماً سَابقاً ولاحقاً، طيب! إذا عَكَسْت جئت بـ: هِنْد، قلنا: الأصل فيه وجهان، والمنع أحق .. أنَّه ممنوعٌ من الصَّرْف، سَمَّيْت به مُذكَّر حِينئذٍ يُصرَف لزوال التأنيث وبقاء العَلميَّة.
إذاً:
كَذَا مُؤَنَّثٌ بِهَاءٍ مُطْلَقَاً ... وَشَرْطُ مَنْعِ العَارِ كَوْنُهُ ارْتَقَى
العَارِ يعني: من التاء، كَوْنُهُ هذا العاري ارْتَقَى وعلا وزاد (فَوْقَ الثَّلاَثِ) (فَوْقَ) هذا مُتَعلِّق بقوله (ارْتَقَى) (فَوْقَ) مضاف و (الثَّلاَثِ) مضافٌ إليه بِحذف التاء، لأنه مضافٌ في التقدير للأحرف، والحرف يُذكَّر ويُؤنَّث، (أَوْ) للتنويع والتقسيم (كَجُورَ) يعني: مثل جُورَ، و (جُورَ) من لفظه تأخذ أنَّه مُؤنَّث، وهو ثلاثي ساكن الوسط، لكنَّه أعجمي.
إذاً: كل ما كان على هذه الزنة فهو ممنوعٌ من الصَّرْف مُطلقاً.
(أَوْ سَقَرْ) (أَوْ) للتقسيم والتنويع و (سَقَرْ) هذا ثلاثي مُؤنَّث وهو مُحرَّك الوسط، لكنَّه ليس أعْجَمياً (أَوْ زَيدٍ) هذا النوع الرابع فـ: (أَوْ) فيه للتقسيم والتنويع و (زَيدٍ) هذا في الأصل أنَّه عَلمٌ لمذكَّر، ولكن رَفَع هذا الأصل بقوله: (?سْمَ امْرَأَةٍ) حالٌ من زيد لاَ اسْمَ ذَكَرْ.
وما لم يذكره وهو لفظ (هِنْد) قال: (وَجْهَانِ) الصَّرْف وعدمه (فِي الْعَادِمِ) في الذي عَدِم (تَذْكِيراً سَبَقْ) سبق ذكره في قوله: (زَيدٍ) (وَعُجمَةً كَهِنْدَ) فتَعيَّن أنَّ مراده هو الثلاثي ساكن الوسط (كهِنْدَ وَالمَنْعُ أحَقُّ) الوجهين، يعني: أصْوَّب الوجهين.