أي: أنَّ الثلاثي ساكن الوسط إذا لم يكن أعجمياً، ولا منقولاً من مُذكَّر (كَهِنْدَ) و (دعد) يجوز فيه الصَّرْف ومنعه.

(وَالمَنْعُ أَحَقُّ) فمن صرفه .. ما وجه صرفه؟ نظر إلى خِفَّة السكون، وأنها قاومت أحد السببين، لأن السببين موجودان، وهما التأنيث والعَلميَّة، وُجِد أو لا؟ (هِنْدَ) مُؤنَّث وهو عَلَم، إذاً: نمنعه من الصَّرْف، وأمَّا السكون فلا دخل له في المنع وعدمه، فمن صرفه نظر إلى خِفَّة السكون وأنها قاومت أحد السببين، ومن منع نظر إلى وجود السببين ولم يَعتبِر الخِفَّة، هل السكون له دخلٌ في المنع وعدمه؟ الظَّاهر لا، حِينئذٍ من منع، قال السكون هذا دليلٌ على خِفَّة اللفظ في نفسه.

وأمَّا أن يكون له تأثير في العَلميَّة والتأنيث في ألا يوجد مقتضى هاتين العِلَّتين فلا، وهذا هو الظَّاهر من التَّقعِيد السَّابق. ومن صرفه قال: لا، فهذا ساكن الوسط فهو خفيف.

وجود العِلَّتين، قالوا: أثَّر سكون الوسط في الخِفَّة فلم تؤثِّر هاتان العِلَّتان في المنع، وهذا ليس بظاهر.

على كلٍ: هو سُمِع فيه الوجهان، لكن الأكثر والأرجح: أن يكون ممنوعاً من الصَّرْف، فمن صَرَفه فله وجهٌ، ومن منعه فله وجهٌ، ولذلك ورد بالوجهين قول جرير:

لَمْ تَتَلَفَّعْ بِفَضْلِ مِئْزَرِهَا ... دَعْدٌ وَلَمْ تُسْقَ دَعْدُ في العُلَبِ

إذاً: ورد بالوجهين (دَعْدٌ) مثل (هِنْدَ) ثلاثي ساكن الوسط، وهو اسم أنثى .. تأنيث، وهو عَلَم، علمٌ لأنثى، إذاً: وجد فيه العِلَّتان، سُمِع جرير قال: (دَعْدٌ) صَرَفَه (وَلَمْ تُسْقَ دَعْدُ في العُلَبِ) مَنَعَه من الصَّرْف، روي بالوجهين.

وَجْهَانِ فِي الْعَادِمِ تَذْكِيراً سَبَقْ ... وَعُجْمَةً كَهِنْدَ وَالمَنْعُ أَحَقّ

(المَنْعُ) يعني: من الصَّرْف أحق الوجهين وأصْوَّب الوجهين، وأقرب إلى القواعد، وهذا مذهب الجمهور.

وقال أبو علي الفارسي: " الصَّرْف أفْصَح " يعني: من المنع، وهنا ابن مالك يقول: (وَالمَنْعُ أَحَقّ) وهو مذهب الجمهور.

قال أبو علي: " الصَّرْف أفْصَح " قال ابن هشام: " وهو غلطٌ جَلي " يعني: القول بكونه أفصح غلط جلي واضح بَيِّن، لأنه في لسان العرب المنع أكثر، وإذا كان أكثر كان أفصح، ثُمَّ إذا جئنا للقواعد والأصول فالأصل منعه مُطلقاً، لأنه عَلَم لمُؤنَّث، إذاً: وجد فيه عِلَّتان فرعيتان، إحداهما ترجع إلى المعنى، والأخرى ترجع إلى اللفظ، هذا الأصل في الممنوع من الصَّرْف، كونه يُصْرَف هذا خلاف الأصل.

إذاً: قال ابن هشام في قول أبي علي (والصَّرْف أفصح): " وهو غلطٌ جلي " وذهب الزَّجاج: إلى أنَّه مُتحتِّم المنع .. واجب المنع، وهذا هو الموافق للأصول، لكن سُمِع أنه مصروف، حِينئذٍ جاز فيه الوجهان، وإلا الأصل أنَّه مُتحتِّم المنع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015