والمراد بتركيب المَزْج: أن يُجعل الاسمان اسماً واحداً لا بإضافة ٍولا بإسنادٍ، بل يُنَزَّل عَجُزه من صدره مُنَزَّلة تاء التأنيث منه، يعني: من غيره، ولذلك التزم فيه فتح آخر الصدر إلا إذا كان معتلاً فإنه يُسكَّن نَحو: معديكرب، نقول: حَضْرَ .. حَضْرَموت، أين يُجعل الإعراب؟ هذان جزءان: الأول صدر، والثاني: عجز، حِينئذٍ نقول: حَضْرَ، الأول يلتزم فيه الفتح .. يكون مفتوحاً، لأنه مثل: خمسة عشر، والثاني يكون مَحلاً للإعراب، إلا إذا كان الأول ساكن: مَعْديْكرب، لا تقل: مَعْديَكرب، مثل: حَضْرَمَوت، وبَعْلَبَكَّ .. بَعْلَ .. بَكَّ، هذان جزءان، فالأول يفتح ما لم يكن مُعْتلاً، فإن كان معتلاً حِينئذٍ سُكِّنَ.
فتقول: مَعْديْكرب، ولا تقل: مَعْديَكرب، فإنه يُسَكَّن نحو: مَعْديْكرب.
وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا ... تَرْكِيبَ مَزْجٍ نَحْوُ "مَعْدِْيكَرِبَا"
أخْرَج به ما خُتِم بـ: (ويه) لأنه مبنيٌ على الأشهر، لأنه داخلٌ في قوله: (تَرْكِيبَ مَزْجٍ) إذاً هو نوعان: مَختومٌ بـ: (ويه) وليس مَختوماً بـ: (ويه) عمرويه، وخالويه، ونفطويه، وسيبويه، كل هذه تركيب مَزْجي لكنها مَختومةٌ بـ: (ويه) وهي مَبنيَّة، وإذا كان كذلك حِينئذٍ لا نقول: مَمنوعة من الصَّرْف للعَلميَّة والتركيب المَزْجي، لأن البناء لا دخل له في هذا الباب، حِينئذٍ نقول: يَختص بالنَّوع الثاني: وهو ما كان مثل: حَضْرَمَوت وبَعْلَبَكَّ.
إذاً: (مَعْدِيكَرِبَا) الألف هذه للإطلاق، ففي المثال أخرج به ما ختم بـ: (ويه) لأنَّه مبنيٌ على الأشهر، ويجوز أن يكون لِمجَرَّد التَّمثيل والكلام على عمومه، ليدخل على لغة من يُعْربه، لأن سيبويه هذا فيه خلاف ليس مبنياً، وإنَّما نحن مضينا على ما هو أرجح، لكن الأولى أيضاً نجعله كالأول من حيث هو نعم يَحتمل.
(تَرْكِيبَ مَزْجٍ نَحوُ مَعْدِيكَرِبَا) هذا مثال، لا يلزم أن يُمثَّل للنَّوعين، بل ذكر أحد النَّوعين، ويَحتمل أنَّه على عمومه، لكن نقول: لا، ابن مالك رحمه الله يرى في باب العَلَم: أنَّ المختوم بـ: (ويه) مبني لا حظ له في الإعراب.
إذاً: قَصَد بهذا المثال إخراج ما كان مَختوماً بـ: (ويه)، من حيث هو يَحتمل نعم كما قال الأشْمُوني وغيره، حِينئذٍ (مَعدِيْكرِبَا) هل هو مُجرَّد مِثَال، أو مثالٌ وقيد؟ هذا مُحتَمِل .. من حيث هو مُحتَمِل، فيحتمل أنَّه أدخل النوع الثاني، وهو ما كان مَختوماً بـ: (ويه) على رأي من يُعْرِبه، وإعرابه قد يكون متضايفين أو ممنوع من الصَّرْف.
لكن نقول: الثَّاني هو الأولى بِحمل كلام النَّاظم عليه، وهو أن قوله: (مَعْدِيكَرِبَا) أراد به المثال والقيد، فاحترز من عموم قوله: (تَرْكِيبَ مَزْجٍ) احترز بهذا المثال عَمَّا كان مَختوماً بـ: (ويه) لأنه كما سبق في باب العَلَم: أنَّه يرى أنه مبني وليس بِمُعرَب.
ويجوز أن يكون لِمجرَّد التمثيل، وكلامه على عمومه يدخل على لغة من يُعرِبه، ولا يرد على لغة من بناه، لأن باب الصَّرْف إنما وضع للمعربات.
إذاً:
وَالْعَلَمَ امْنَعْ صَرْفَهُ مُرَكَّبَا ... تَرْكِيبَ مَزْجٍ نَحْوُ "مَعْدِيكَرِبَا"