(وَكَسْرُهَا) مبتدأ و (أُلِفْ) هذا خبر، (وَكَسْرُهَا) واجبٌ للتَّخلُّص من التقاء الساكنين، لأنَّه على حدِّه إذ الأول حرف لَيْن والثاني مدغم، إذاً الحكم الأول ممَّا تفارق النون الخفيفة الثقيلة: أنها لا تقع بعد الألف مطلقاً، أيُّ ألفٍ كانت بخلاف الشَّديدة، ثُمَّ إذا وقعت الشَّديدة بعد الألف وجب كسرها للتَّخلُّص من التقاء الساكنين وقيل: حملاً على نون المثنَّى.
قال الشارح: لا تقع نون التوكيد الخفيفة بعد الألف فلا تقول (اضْرِبَانْ) بنون مخففة بل يجب التَّشديد كما في قوله: ((وَلا تَتَّبِعَانِّ)) [يونس:89] فتقول (اضْرِبَانِّ) بالكسر لشبهها بنون المثنَّى. بنونٍ مشدَّدة مكسورة خلافاً ليونس فإنه أجاز وقوع النون الخفيفة بعد الألف ويجب عنده كسرها، وظاهر كلام سيبويه وبه صرَّح الفارسي أن يونس يبقي النون ساكنة يعني: في النَّقل عنه قولان:
جوَّز أن تأتي النون الخفيفة بعد الألف، ثُمَّ هل يُحرِّكها بالكسر أو يبقيها ساكنة؟ قولان في النَّقل عنهم. أن يونس يبقي النون ساكنة ونظر ذلك لقراءة نافع: ((مَحْيَايْ)) [الأنعام:162] كما سبق "فتايَ" هذا الأصل، إذاً عند يونس فيه قولان من جهة التحريك، أمَّا في الوقوع فهو جائزٌ عنده أن تقع النون خفيفة بعد الألف، ثُمَّ يجب عنده كسرها (اضْرِبَانِ) بالكسر.
ونقل سيبويه أنَّه يُجَوِّز بقائها على السكون نظراً لقراءة نافع: ((مَحْيَايْ)) [الأنعام:162] يعني جمع بين ياء المتكلِّم هنا والألف كما سبق في المضاف ياء المتكلم.
الحكم الثاني: أنَّ نون التوكيد الخفيفة لا تُؤَكِّد الفعل المسند إلى نون الإناث، وإليه أشار بقوله:
وَأَلِفَاً زِدْ قَبْلَهَا مُؤَكِّدَا ... فِعْلاً إِلَى نُونِ الإِنَاثِ أُسْنِدَا
(زِدْ أَلِفاً) (زِدْ) أنت (أَلِفاً) هذا مفعول مُقدَّم (قَبْلَهَا) يعني قبل نون التوكيد حال كونك (مُؤَكِّدَا)، (مُؤَكِّدَا) حالٌ من الفاعل المستتر في (زِدْ) و (قَبْلَهَا) متعلِّقٌ بـ (زِدْ) والضمير يعود على نون التوكيد (مُؤَكِّدَا فِعْلاً) (فِعْلاً) هذا مفعول به لقوله مُؤَكِّدا (مُؤَكِّدَا فِعْلاً) (أُسْنِدَا إلَى نُونِ الإنَاثِ) (أُسْنِدَا) الألف هذه للإطلاق، أُسْنِدَ إلَى نُونِ الإنَاثِ، متعلِّق بـ (أُسْنِدَا) و (أُسْنِدَا) هذا صفةٌ لـ (فِعْلاً) (فِعْلاً) أُسْنِدَا إلَى نُونِ الإنَاثِ لئلَّا تتوالى الأمثال.
قال الشارح: إذا أُكِّد الفعل المسند إلى نون الإناث بنون التوكيد وجب أن يُفْصَل بين نون الإناث ونون التوكيد بألف كراهية توالي الأمثال، إذاً ليُفْصَل بين الأمثال وهي نون الضمير ونون التوكيد، نون الضمير .. نون الإناث ونون التوكيد.
كراهية توالي الأمثال فتقول: (اضْرِبْنَانِّ .. اضْرِبْنَ) هذا نون الإناث (اضْرِبْنَانِّ) الألف هذه زائدة ليست ألف الاثنين .. ليست فاعل وإنَّما هي زائدة فارقة بين الثلاث النونات: نون الإناث ونون التوكيد الثقيلة فَفُصِل بينهما بهذه الألف، إذاً نونٌ مشدَّدة مكسورة قبلها ألف هل يُتَصَوَّر وقوع الخفيفة هنا؟ لا يُتَصَوَّر، لأنَّ الألف هذه ساكنة والنون ساكنة، وقلنا هناك:
وَلَمْ تَقَعْ خَفِيْفَةٌ بَعْدَ الأَلِفْ ..