وَأَسْتعِينُ اللهَ فِي ألْفِيَّهْ، أي: في نظم قصيدة، أو إن شئت قل: أرجوزة وهذا أجود وأحسن وهو الذي قدره السيوطي في البهجة.
مَقَاصِدُ النَّحْوِ بِهَا مَحْوِيَّهْ: مقاصد: هذا مبتدأ وهو مضاف، والنحو مضاف إليه، ومحوية: خبر المبتدأ، وقيل مقاصد: هذا اسم كتاب جمعته هذه الألفية، ونفاه السيوطي رحمه الله تعالى في النكت على الألفية.
ومَقَاصِدُ النَّحْوِ: أي: معظم النحو وجل مهماته، والقصد في الشيء عدم الإفراط فيه، إذاً: المراد بمقاصد النحو نقول: جل المهمات وأغراضه التي ينبغي أن يعتني بها طالب العلم في التأصيل، هو يذكر الأصول، وما يتفرع عن الأصول هذا قد يذكره وقد لا يذكره، وإنما يرجع فيه إلى ... أو الشروح، إذاً مقاصد النحو، أي: أغراضه وجل مهماته كما قال في آخر الألفية:
نَظْماً عَلَى جُلِّ المُهِمَّاتِ اشْتَمَلْ
ومحوية: أي: محوزة، اسم مفعول، مقاصد النحو بها: يعني: فيها، فالباء هنا بمعنى: في، يعني: محوية، أي: مجموعة فيها .. في هذه الألفية، هذا يعتبر من ظرفية المدلول في الدال، لماذا؟ لأن الألفية اسم للألفاظ المخصوصة .. الدالة على المعاني المخصوصة، هذه المعاني هي المقاصد، إذاً: الألفاظ كأنها كأس، والمقاصد كأنها ماء في الكأس، أيهما ظرف وأيهما مظروف؟ لا شك أن الألفية ظرف والمقاصد تكون مظروفاً.
إذاً: بها محوية، أي: مجموعة ومحوزة فيها، أي: في هذه الألفية من ظرفية المدلول في الدال؛ لأن الألفية اسم للألفاظ المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة، والمقاصد هي تلك المعاني.
بها محوية: قلنا: بها يتعلق بمحوية، وإذا كان كذلك محوية اسم مفعول، ووقع ماذا؟ ووقع خبراً عن المبتدأ حينئذٍ هل يصح أن يتقدم معموله الخبري على الخبر؟ هذا سيأتي في الفعل، فيه نزاع، وفي الاسم فيه نزاع، يأتي معنا في موضعه، وبها يتعلق به، والباء بمعنى: في، ويحتمل أن تكون للسببية، ويراد بمقاصد النحو: جميعه، أي: جميع مسائل النحو مجموعة بسببها، أي: تفهم إذا فهمت، والأول هو المشهور، أن بها با بمعنى: في.
ومحوية: خبر لم يطابق، ومقاصد جمع، قلنا: هذا مبتدأ ومحوية: هذا خبر، والأصل التطابق بين المبتدأ والخبر إفراداً وتثنيةً وجمعاً، وهنا محوية: مفرد، ومقاصد جمع، هل حصل التطابق؟ الجواب: لا، نقول: لم يطابق محوية الخبر .. الذي هو الخبر لم يطابق المبتدأ لأنه في مثل هذا التركيب يجوز الأمران، بل هذا هو الأفصح، أن يكون مفرداً، لكون مقاصد جمع كثرة لما لا يعقل، والأفصح فيه الإفراد، إذا كان المبتدأ جمع كثرة لما لا يعقل فالخبر يجوز فيه الوجهان: أن يطابق، وأن يلزم الإفراد .. أن يطابق مقاصد النحو بها محويات، هذا يجوز، وطابق المبتدأ؛ لأن المبتدأ جمع والخبر جمع كذلك.
ولما كان المبتدأ جمع كثرة مقاصد مفاعل لما لا يعقل حينئذٍ جاز أن يلزم الإفراد، ولا يطابق المبتدأ، بل هذا هو الأفصح في لسان العرب، لكون مقاصد جمع كثرة لما لا يعقل، والأفصح فيه الإفراد:
وجمع كثرة لما لا يعقل
وما سواه الأفصح المطابقة ... الأفصح الإفراد فيه يافل
نحو هبات وافرات لائقة