"وأشار بقوله: (وَأَخِّرْ مَا لِذِي فِيهِ العَمَل) إلى أن معمول اسم الفعل يَجب تأخيره عنه" يعني: أنها فارقت الأفعال في كونها لا يَتقدَّم عليها منصوبها كما يَتقدَّم في الفعل" فتقول: (دَرَاَكِ زَيْدَاً) ولا يجوز تَقديِمه عليه فلا تقول: (زَيْدَاً دَرَاَكِ) " لأنها فرعٌ في العمل عن الفعل فضعفت، مثل أفعال التعجُّب هناك.
"ولا يجوز تقديمه عليه" خلافاً للكِسَائي "فلا تقول: (زَيْدَاً دَرَاَكِ)، وهذا بِخلاف الفعل إذ يجوز: (زَيْدَاً أدرك) ".
وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِي يُنَوَّنُ ... مِنْهَا وَتَعْرِيفُ سِوَاهُ بَيِّنُ
وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِي يُنَوَّنُ ... مِنْهَا ..
إذاً: قد يُنَوَّنُ بعضها، حينئذٍ نَحكم بكونه نكرة، وهذا سبق في بيان أقسام التنوين: أنَّ تَنوِين التنكير هذا من إضافة الدَّال إلى المدلول، بمعنى: أنَّ التنوين دالٌّ على أن مدخوله نكرة، قلنا: (صَهٍ) نكرة و (صَهْ) معرفة، إذاً: يدخل التنوين هنا فرقاً بين النكرات والمعارف، وهذا خاصٌ ببابين اثنين لا ثالث لهما: أسماء الأفعال، و (سيبويه) .. عَلَم مَختوم بـ: (ويه)، أسماء الأفعال مُطلقاً ليس خاص باسم فعل الأمر .. أسماء الأفعال تدخل عليه تنوين التنكير.
وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِي يُنَوَّنُ ... مِنْهَا ..
أي: من أسماء الأفعال، إذاً: يَصِح دخول التنوين على اسم الفعل، لكن ليس على كل اسم فعلٍ بل هو سَماعي، وما لم يُسْمَع فالأصل فيه: عدم إدخاله.
(وَتَعْرِيفُ سِوَاهُ) أي: سوى المُنَوَّن، الضمير يعود على المصدر، (الَّذِي يُنَوَّنُ) أي: المُنَوَّن (وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ المُُنَوَّن) (وَتَعْرِيفُ سِوَاه) يعني: سوى المُنَوَّن (بَيِّنُ) واضحٌ ظاهرٌ.
قيل: عبارة الناظم هنا (وَاحْكُمْ بِتَنْكِيرِ الَّذِي يُنَوَّنُ) ظاهر عبارته مُشْعِرة بأن التنوين وعَدم التنوين سماعي، وهذا واضح، لأنه لم يقل مثلاً: إذا أرَدْتَ التَنْكير فَنَوِّن، أو التعريف فلا تُنَوِّنْ، فَدَّل على أن مسألة التنوين وعدم التنوين إنما هي سماعي، ما نُقِل تنوينه في لسان العرب تَنْطِق به مُنَوَّناً، وما لم يُنْقَل تَنْوينُه البتَّة حينئذٍ ليس لك أن تُنَوِّن من عندك، لأن القضية سماعية.
قال في (شرح الكافية): "لمَّا كانت هذه الكلمات من قِبل المعنى: أفعالاً، ومن قبل اللفظ: أسماءً -إذاً: لها جهتان- جُعِل لها تعريفٌ وتنكير، فعلامة تعريف المعرفة: تَجرُّده من التَنْوين، وعلامة تنكير النكرة فيها: استعماله مُنَوَّناً، ولمَّا كان من الأسماء المحضة ما يُلازِم التعريف كالمضمرات" الأسماء المحضة التي ليست مُشْبِهة أو قائمة مَقَام الفعل سماها: أسماء مَحضة.
"ما يُلازِم التعريف كالمضمرات وأسماء الإشارات، وما يُلازم التنكير كـ (أحد) و (عِرِّيبْ) و (ديَّار)، وما يُعرَّف وقتاً ويُنَكَّرُ وقتاً كـ (رجل) و (فرس) "جعلوا هذه الأسماء أسماء الأفعال مثلها، غيْر أسماء الأفعال على ثلاثة أنواع:
- منها ما يُلازِم التعريف.
- ومنها ما يُلازِم التنكير، وهذان على خلاف الأصل.