حينئذٍ نقول: (العَمَل) هذا مبتدأ مؤخَّر و (لِذِي) هذا جار مجرور مُتعلِّق بِمحذوف خَبَر مُقدَّم، والجمة الاسمية .. المبتدأ المؤخَّر والخبر المقدَّم لا مَحل لها من الإعراب صلة الموصول، و (ذِي) هذا اسم إشارة، والمراد به: الأسماء، يعني: لهذه الأسماء .. لذي الأسماء: لهذه الأسماء.

(وَأخِّرْ مَا لِذِي فِيهِ العَمَل) الذي العمل فيه، يعني: الذي حَصَل فيه العمل، وهنا لا إيطاء في البيت؛ لأن قوله: (عَمَل) و (العَمَل) لم يتحدا تعريفاً وتنكيراً، فإذا اختلفا ولو اتحدا في الجملة لا يسمى إيطاءً.

(وَأخِّرْ مَا لِذِي) الأسماء فيه (العَمَل) يعني: الذي وقع العمل (فِيهِ) .. (فِيهِ) الضمير يعود على (مَا) .. أخِّرْه وجوباً، خلافاً للكِسَائي حيث جَوَّز أن يُتصرَّف فيها بِتقدُّم معمولها عليها إجراءً لها مُجرى أصولها، وجعل منه قوله: ((كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ)) [النساء:24] قال: (عَلَيْكُمْ) اسم فعل أمر (كِتَابَ) مفعولٌ به مُقدَّم لـ (عَلَيْكُمْ)، والجمهور على المنع والتأويل (الزموا كِتَابَ الله عَلَيْكُمْ) الزموا يعني: من باب الإغراء مثل (الصَّلاةَ جامعةً).

إذاً: أشار بهذا البيت إلى أنه يعمل اسم الفعل عمل فعله الذي ناب عنه، ثُمَّ استثنى مسألة واحدة وهي: أنه لا يَتقدَّم عليه معموله.

قال الشارح هنا: "أي يثبت لأسماء الأفعال من العمل ما يثبت لما تنوب عنه من الأفعال، فإن كان ذلك الفعل يرفع فقط كان اسم الفعل كذلك" إذا كان هذا الفعل الذي ناب عنه اسم الفعل يرفع فقط، يعني: لازم "كان اسم الفعل كذلك، (صَهْ) بمعنى: اسكت، و (مَهْ) بمعنى: اكْفُفْ، و (وهَيْهَاتَ زَيْدٌ) بمعنى: بَعُدَ زَيْدٌ، ففي (صَهْ) و (مَهْ) ضميران مُستتران كما في (اسكت واكفف)، و (زيد) مرفوعٌ بـ (هَيْهَاتَ) كما ارتفع بـ (بَعُدَ)، وإن كان ذلك الفعل يرفع وينصب كان اسم الفعل كذلك، كـ (دَرَاَكِ زَيْدَاً) أي: أدركه، و (ضَرَاَبِ عَمَرَاً) أي: اضربه، ففي (دَرَاَك) و (ضَرَاَبِ) ضميران مُستتران و (زيداً) و (عمراً) منصوبان بهما" هذا في الغالب، والحكم للغالب.

قال ابن مالك في (التسهيل): "وحكمها - يعني: أسماء الأفعال - غالباً في التعدِّي واللزوم حكم الأفعال" ما قال: مُطَّرِداًَ، قال: غالباً، لأنه سُمِع كلمتان قامتا مَقَام فعلين مُتعدِّيين ولم تَنْصِب، ولذلك قال: غالباً، لِئلا يُعْتَرَض، مثل ماذا؟ قال: "واحترز بقوله: غالباً، عن (آمين) فإنها نابت عن متعدٍّ ولم يُحْفَظْ لها مفعول" (آمين) استجب، هذه نابت مناب فعلٍ متعدِّ ولم يُحْفَظْ لها مفعول.

وكذا: (إيهِ) بمعنى: زدني، زاده السيُوطي في شرح (الجمع)، هذان الفعلان نابا عن متعدِّيين ولم يُسْمَع لهما مفعولٌ، حينئذٍ نقول: حُكم أسماء الأفعال في التَعدِّي واللزوم حكم الأفعال، مُطلقاً ونَستَثنِي هذين الفعلين، أو نقول: الحكم أغلبي، من أجل استثناء هذين الفعلين، وإذا قيل بأنه لا يوجد إلا هذين الفعلين فقط، لا نقول أغلبي، بل نقول: مُطَّرِد، ونقول: هذا سُمِع دون مفعولٍِ ويبقى استثناءً له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015