يعني: هذه الأسماء تَعمل عَمَل الفعل الذي أُنِيبت عنه (مَا نَابَ عَنْ فِعْلٍ) إن كان فعلاً لازماً عملت عَمَل الفعل اللازم، وإن كان الفعل مُتَعديَّاً عَمِلَت عمل الفعل المُتعدِّي، ولذلك نقول: (هَيْهَاتَ العقيقُ) وتقول: (صَهْ) دون اسمٍ ظاهر، وتقول: (رُوَيدَاً زَيْدَاً)، (هَيْهَاتَ العقيقُ) رفع اسماً ظاهراً، و (صَهٍ) رفع ضميراً مستتراً واجب الاستتار، و (رُوَيدَاً زَيْدَاً) نصب مفعولاً به، لماذا اختلف العمل هنا؟ نقول: لأن هذه الأسماء تعمل عمل أفعالها المتعدِّي متعدِّي، واللازم لازم، والمتعدِّي بحرفٍ كذلك هو مُتعدٍّ بالحرف.

(وَمَا لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ مِنْ عَمَل لَهَا): (مَا) هذا مبتدأ و (لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ) يعني: لفعلٍ تنوب عنه، (مَا) اسم فعلٍ لما تنوب عنه، (لِمَا) هذا مُتعلِّق بمحذوف صلة الموصول، يعني: للذي .. لفعلٍ تنوب عنه، (تَنُوبُ) يعني: أسماء الأفعال (عَنْهُ) عن الفعل (مِنْ عَمَلْ) مُتعلِّق بـ (مَا) يعني: مبين له، (لَهَا) هذا خبر المبتدأ، والذي (لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ مِنْ عَمَل لَهَا) ثابت لها، فالضمير في (لَهَا) يعود على ماذا؟ (لَهَا) لأسماء الأفعال، (الذي تَنُوبُ عَنْهُ) (الذي) قلنا: أسماء أفعال، تنوب عليه من فعلٍ .. أسماء أفعال نابت عن فعلٍ، (مِنْ عَمَلٍ لَهَا) يعني: خبر المبتدأ، (لَهَا) لأسماء الأفعال، فيثبت لأسماء الأفعال ما ثبت للأفعال التي نابت عنها .. هذا تقدير البيت، ولذلك لو قيل (مَا) الأولى مبتدأ واقعة على العمل أجْوَد، (والعَمَل الذي لِمَا تَنُوبُ عَنْهُ) وهو الفعل (لَهَا) يعني: ثابتٌ لأسماء الأفعال، هذا أجود: أن يكون "ما" مبتدأ واقعةً على العمل.

والعمل لما تنوب أسماء الأفعال عنه .. عن الفعل، (مِنْ عَمَل) هذا قلنا: مُبيِّن لـ (مَا) التي هي مبتدأ، وجَعَله المكُودِي (مِنْ عَمَل) مُتعلِّقاً بقوله: (تَنُوبُ) يَجوز، لكن الأولى أن يُجْعَل بياناً لـ (مَا)، (لَهَا) هذا خبر المبتدأ، أي: العمل الذي اسْتَقَرَّ للأفعال التي نابت عنها هذه الأسماء مُستقرٌّ لها، أي: لهذه الأسماء، فترفع الفاعل الظاهر نحو: (هَيْهَاتَ العقيقُ .. هَيْهَاتَ نَجْدٌ) حينئذٍ رَفَعَت اسْماً ظاهراً و (شَتَّانَ زَيْدٌ وعَمْرُوٌ).

(ومُضْمَراً) ترفع فاعلاً مُضْمَراً، يعني: ضميراً، نحو: (نَزَالِ وصَهَ)، (نَزَالِ) فيه ضمير مستتر واجب الاستتار، لأنه اسم فعل أمر، فكل اسم فعل أمر يَرفع فاعلاً ضمير مُستتر، ولا يرفع ظاهر البتة، لأنه أُقِيم مقام فعل الأمر، وفعل الأمر لا يرفع اسماً ظاهراً، هذا مثله .. الحكم ثابتٌ له (نَزَالِ)، وينصب منها المفعول ما ناب عن متعدٍّ .. ينصب من هذه الأسماء المفعول ما ناب عن متعدٍّ نحو: (دَرَاكِ زَيدَاً) (أدْرِك زَيداً) هذا الأصل، فـ (دَرَاكِ) فيه ضمير مستتر فاعل و (زَيدَاً) مفعولٌ به، لماذا نصب مفعولاً به؟ لأنه قَائِم مقام (أدْرِك) و (أدرك زيداً) هذا يتعدَّى إلى مفعولٍ به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015