إذاً: أراد بهذا البيت أن يُبَيِّن لك أن من أسماء الأفعال ما هو منقولٌ ومَثَّل له بـ (عَلَيْكَ) و (دُونَكَ) و (إِلَيكَ) بِمثالٍ واحد للمنقول عن الظرف وهو (دُونَكَ) ومثالين منقول عن الجار والمجرور وهو (عَلَيْكَ) و (إِلَيكَا).

(كَذَا رُوَيدَ بَلْهَ نَاصِبَينِ) نقول: هذا إشارةٌ إلى النوع الثاني من المنقول، وهو المنقول من مَصدرٍ، قلنا: المنقول نوعان:

- منقولٌ عن ظرف وجار ومجرور.

- والنوع الثاني، وأشار إليه بالبيت الأول، وهو منقولٌ من مصدر، وهذا على قسمين:

- مصدر اسْتُعمل فِعْلُه .. مصدرٌ له فعلٌ مستعمل.

- ومصدرٌ أُهمِل فعله.

(كَذَا رُوَيدَ بَلهَ) وبَله (نَاصِبَينِ) هذا حال من الضمير المستكن في مُتعلِّق الخبر، (كَذَا) مِثُل (ذا) يعني السابق في كونه من أسماء الأفعال، (رُوَيدَ) بمعنى: أمْهِل، (بَلهَ) يعني: مع بَلهَ بمعنى: دعا.

حال كونهما، أو بشرط كونهما (نَاصِبَينِ) ما بعدهما، لكن بدون أن يُنَوَّن (رُوَيدَ) ولا (بَلهَ) وإنما يُذْكَرا هكذا دون تنوين، لماذا؟ لأن أسماء الأفعال كلَّها مبنيَّة، وإذا كانت كذلك حينئذٍ لا يَدخُلها التنوين في الأصل، إلا تنوين التنكير هذا خاصٌ باسم فعل الأمر على جهة القياس.

(كَذَا رُوَيدَ بَلهَ نَاصِبَينِ) ما بعدهما بدون تنوينهما وإلا كانا مصدرين، (وَيَعْمَلاَنِ الخَفْضَ مَصْدَرَين) (وَيَعْمَلاَنِ) الألف تعود على (رُوَيدَ) و (بَلهَ) لكن في اللفظ لا في المعنى، وهذا سبق معنا هنا، لماذا؟ لأن (رُوَيدَ) و (بَلهَ) اللذان عادا إليهما الضمير اسما فعلٍ، واللذان يعملان الخفض: مصدران، ليسا باسْمي فعلٍ، حينئذٍ رَجَع إلى اللفظ فقط، لا على كونهما اسْمي فعل وإنما على اللفظ .. لفظ (رُوَيدَ) ولفظ (بَله) فقط، هذان اللفظان يُسْتَعْملان اسْمي فعلٍ ويُسْتَعْملان مصدراً، وشتَّان بين المصدر واسم الفعل.

(وَيَعْمَلاَنِ) الضمير في (يَعْمَلاَنِ) عائدٌ على (رُوَيدَ) و (بَلهَ) في اللفظ لا في المعنى، (وَيَعْمَلاَنِ الخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ) فُهِم: أنه يَجوز فيهما التنوين ونصب ما بعدهما، يعني: يَجوز فيهما إذا كانا مصدرين التنوين ونصب ما بعدهما، وعَدَم التنوين وخفض ما بعده، كما هو الشأن في المصدر (ضرباً زيداً .. ضرب زيدٍ) يَجوز فيه الوجهان، إذا كان مصدر جاز فيه الوجهان:

- التنوين ونصب ما بعده.

- وحذف التنوين وإضافته إلى ما بعده.

(وَيَعْمَلاَنِ الخَفْضَ مَصْدَرَيْنِ) أي: مُعْرَبين بالنصب دالَّين على الطَّلب أيضاً، لكن لا على أنهما اسْما فعلٍ، بل على أن كُلاًّ منهما بَدلٌ من اللفظ بفعله، نحو: (رُوَيدَ زَيدٍ) و (بَلْهَ عَمْرِوٍ) أي: إمهال زيدٍ، وترك عمرٍ، (رُوَيدَ زَيْدٍ) هذا مُضاف إلى المفعول، وكذا يُضاف إلى الفاعل (رُوَيدَ زَيْدٍ عَمْرَاً) يعني: مصدر .. يُعامل مُعاملة المصادر السابقة، قد يُضاف إلى الفاعل (رُوَيدَ زَيْدٍ) إمهال زيد، وقد يُضاف إلى المفعول، (رُوَيدَ زَيْدٍ) هذا مُضاف إلى المفعول، وقد يُضاف إلى الفاعل (رُوَيدَ زَيْدٍ عَمْرَاً) (عَمْرَاً) منصوبٌ بالمصدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015