(وَمَا بِمَعْنَى) (وَمَا) مبتدأ (بِمَعْنَى افْعَلْ) مُتعلِّق بمحذوف صلة الموصول، (كَآمِينَ) وذلك كـ: (آمين)، آمِينَ هذا فيه لغتان: (آمِينَ) بالمد بمعنى: (استجب) و (أمين) على وزن (فعيل) وكلتاهما مسموعتان، إلا أن (آمِينَ) قيل إنه أعجمي، لأنه على وزن (فاعيل) وليس عندنا في لسان العرب ما هو على وزن (فاعيل) ولذلك أُوِّل بأن (آمِينَ) أُشبِعت فتحة الهمزة مدة فصارت (آمين)، أُشبعت الحركة ألفاً فصارت مدةً (آمين)، إذاً الأصل: (أمين) ثُمَّ مُدَّت الهمزة فصارت (آمِينَ)، على كلٍّ قيل: وزنه (فاعيل)، وإذا سُلِّم بهذا صار أعجمياً، إلا إذا قيل بأنه فرعٌ لا أصل، والوزن يتعلَّق بالأصل لا بالفرع.
(وَمَا بِمَعْنَى .. كَآمِينَ) نقول: هذا (كَثُرْ) يعني: كثير في لسان العرب، وكفى بكثرته أن منه نوعاً مَقِيساً وهو (فَعَالٍ) من الثلاثي، أي: ورَدَ اسم الفعل بمعنى الأمر كثير .. وروده كثير.
(وَغَيرُهُ) وهو ما كان بمعنى: الماضي والمضارع (كَوَيْ) بمعنى: أَعْجَبُ، هذا اسم فعل مضارع.
(وَهَيهَاتَ) هذا مقابل لـ (شَتَّانَ) اسم فعل ماضي، (نَزُرْ) يعني: قلَّ.
إذاً: أشار بهذا البيت إلى أن القسمة ثلاثية، بمعنى: افْعَل .. بمعنى: فَعَلَ .. بمعنى: يَفْعُلُ، ما كان بمعنى: افْعَل، كثير بدليل أن منه ما هو مقيس على وزن (فَعَال) وما كان بمعنى: فَعَلَ، وما كان بمعنى: يَفْعُلُ، فهو قليل، فهو مسموعٌ لا يُقاس عليه.
قال الشارح هنا: "أسْمَاءُ الأفْعَال ألفاظٌ تقوم مقام الأفعال" والقول بأنها ألفاظ، هذا محل إشكال، الصواب أن يُقال: (أسْمَاءٌ تقوم مَقَام الأفعال) لأنه يدخل معنا حروف، منها ما هو قائمٌ مقام الفعل "في الدلالة على معناها وفي عملها" في الدلالة على معنى الفعل مُباشرةً، إن كان مباشرة هذا محل إشكال، وإن كان بواسطة فلا إشكال، حينئذٍ نقول: (أسْمَاءُ الأفْعَال) تَدُل على الحدث والزمان، وليس الأمر كذلك، بل هي تَدُل على لفظ الفعل، إذاً قوله: "في الدلالة على معناها" هذا يحتاج إلى تقييد .. استفصال.
"وفي عملها وتكون بمعنى الأمر" فعل الأمر "وهو الكثير فيها كـ (مَهْ) بمعنى: اكفف، و (آمِينَ) بمعنى: استجب، وتكون بمعنى الماضي (كَشَتَّانَ) بمعنى: افترق، تقول: (شَتَّانَ زَيْدٌ وعَمْرُوٌ)، و (هَيْهَاتَ) بمعنى: بَعُدَ، تقول (هَيْهَاتَ العَقِيقُ) ومعناه: بَعُدَ، وبمعنى المضارع كـ (أَوَّهْ) أتوجَّع، و (وَيْ) بمعنى: أعجب، وهذا تلحقه كاف الخطاب كما قال أهل العلم، ومنه: ((وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ)) [القصص:82] بمعنى: أَتَعَجَّب.
"وكلاهما غير مقيس" ما هو كلاهما؟ الماضي والمضارع، مفهومه: أن الأمر كُلَّه مقيس، وليس الأمر كذلك، بل منه ما هو مقيس وهو ما كان على وزن (فَعَالِ) كَـ: (نَزَال)، (ودَرَاَك) قلنا: هذا شاذ لأنه من الرباعي (أدرك)، ومنه ما هو مسموعٌ كـ (صَهْ) (وَمَهْ).
إذاً: (وَغَيرُهُ كَوَي وَهَيهَاتَ نَزُرْ) (غَيرُهُ) أي: غير ما هو من هذه الأسماء، بمعنى: (افعل) أو بمعنى: فعل الأمر (قَلَّ) وذلك ما هو بمعنى الماضي والمضارع.