حينئذٍ في الحدود نقول الأفعال منزوعة الزمن، بمعنى: أنها لا تَدلُّ على فعلٍ ماضٍ قد انقطع حدثه، هذا يُجاب به من أجل الاعتراض فحسب، لأن الحَدَّ ليس له وقت، لا يُوصف بكونه يقع في الزمن الماضي، أو الحال، أو المستقبل لا، منْزُوع الزمن .. ليس له وقت، كلَّما نَطَق الناطق منذ أن وجدت اللغة إلى يومنا فالفعل الماضي يَصدُق عليه حد الماضي، والمضارع يَصدُق عليه حد المضارع، وكذلك الأمر، حينئذٍ (دَلَّ) .. (دَلَّت) نقول: هذا ليس المراد به الزمن الماضي.
وهنا مثله، لكن الإعراب يبقى على ظاهره، فتقول: فعل ماضي مبني على الفتح إلى آخره، والفاعل إلى آخره، وأمَّا من حيث التعليل والاعتراض فيُجاب بما ذكرنا، حينئذٍ يكون استعمالاً للفظ في غير معناه الزمني، أمَّا دلالته المعنوية هذه حاصلة، وأمَّا المعنى من حيث والزمن ومُتعلَّق الزمن هذا الذي نُزِع منه كما هو الشأن في (كان الاستمرارية).
على كلٍ (نَابَ) الجملة هنا من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، (مَا) أحسن ما تُفسَّر به دون أن نعمِّم من أجل الإخراجات كما فعل الأشْمُوني وغيره نقول: (مَا) هنا بمعنى: اسم، لماذا؟ لأنه هو حَكَم أنها أسماء، قال: (أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ) فيكفي أنه قال في الترجمة: (أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ وَالأَصْوَاتِ) إذاً: هو يريد أن يعرِّف اسماً، لا يريد أن يعرِّف كلمة أو لفظاً، ثُم نقول: اللفظ دخل فيه الجملة، ودخلت فيه المركَّبات، ونحتاج إلى احترازات، لا نقول: (مَا) هنا اسمٌ موصولٌ بمعنى: الذي، أي: اسمٌ.
لماذا قلنا: اسمٌ حدَّدناه، والأصل فيه أنها مُبهم؟ لكونه في الترجمة قال: (أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ) ويكفي من أن نقول: أنه جنسٌ ونحتاج إلى إخراج الأفعال والحروف، هذا كله اعتراض وكلامٌ وارد لو عمَّمنا (مَا)، حينئذٍ نقول: (مَا) اسمٌ بدليل الترجمة.
(نَابَ عَنْ فِعْلٍ) قلنا: (مَا) هذا جنسٌ يشمل كل اسمٍ، سواءٌ ناب عن فعلٍ أو لا.
(نَابَ عَنْ فِعْلٍ) هنا خَرَج ما لا ينوب عن الفعل، وهو الأصل في الاسم: أن لا يكون نائباً عن غيره.
(نَابَ عَنْ فِعْلٍ) قال النحاة: يشمَّل ثلاثة أنواع مما ينوب عن الفعل:
- وهو اسم الفعل الذي نريد حَده.
- والمصدر.
- واسم الفاعل، دخلت هذه لأنها تنوب عن الفعل.
قوله: (كَشَتَّانَ وَصَهْ .. كَشَتَّانَ .. نَابَ عَنْ فِعْلٍ كَشَتَّانَ) (شَتَّانَ) جار مجرور مُتعلِّق بِمحذوف حال من فاعل ناب .. من الضمير المستتر الذي يعود على (مَا) حينئذٍ صار وصفاً للفاعل، وإذا كان كذلك صار داخلاً في الحد، لم نفصله ونقول (وذلك شتَّان) إذا قلنا (وذلك شتَّان) حينئذٍ انتهى الحد عن قوله (نَابَ عَنْ فِعْل) وإذا قلنا: جار مجرور مُتعلِّق بمحذوف صفة أو حال من فاعل (نَابَ) حينئذٍ نقول: هذا داخلٌ في الحد وليس خارجاً عنه، والصحيح: أنه داخلٌ في الحد، لأن قوله: (كَشَتَّانَ) أخرج به المصدر واسم الفاعل، لأننا قلنا (اسْمُ) هذا عام يشمل ما ناب عن الفعل، وما لم ينُبْ عن الفعل.