عرَّفه ابن مالك هنا بأنها: ما ناب عن فعلٍ، وأسماء الأفعال لو قيل بِعدِّها وتمييز بعضها عن بعض .. اسم الفعل الأمر عن اسم الفعل المضارع .. اسم الفعل الماضي لكان أولى، لأنها معدودة يُمكن حَصْرها كما هو الشأن في ألفاظ التوكِيد المعنوي، قلنا الأصل: أنها لا تُحَد، وإذا كانت لا تُحَد يأتي السؤال: لماذا لا تُحَد؟ نقول: لأنها ألفاظ محصورة، ليست خارجة عن الأصل، هنا الذي هو خارجٌ عن الأصل، فَلمَّا كانت ألفاظاً معدودة محصورة حينئذٍ لا يَحسن حدُّها والاشتغال بالحد.
كذلك أسماء الأفعال هي محصورة، وهي مُقسَّمة على ثلاثة أقسام: منها ما هو سماعي، ومنها ما هو قياسي، ولا يُعْرَف القياس إلا ما سَبَق معنا في:
وَالأَمْرُ هَكَذَا مِنَ الثُّلاَثِي ..
يعني: ما كان على وزن (فَعَال) هذا مَقيس، وما عداه لا يُعْتَبَر مقيساً، فإذا بُيِّن المقيس فيقال: ما عداه مسموعٌ، يعني: يُحْفَظ في لسان العرب ولا يقاس عليه غيره خلافاً للكِسَائي حيث جَوَّز القياس كما سيأتي.
أَسْمَاءُ الأَفْعَالِ وَالأَصْوَاتِ.
قال:
مَا نَابَ عَنْ فِعْلٍ كَشَتَّانَ وَصَهْ ... هُوَ اسْمُ فِعْلٍ وَكَذَا أَوَّهْ وَمَهْ
وَمَا بِمَعْنَى افَعَلْ كَآمِينَ كَثُرْ ... وَغَيْرُهُ كَوَيْ وَهَيْهَاتَ نَزُرْ
(نَزَرْ .. نَزُرْ) ونَزُرْ أحسن.
(مَا نَابَ عَنْ فِعْل كَشَتَّانَ وَصَهْ) هذا الشطْر بيَّن فيه حدَّ أسماء الأفعال، (مَا نَابَ عَنْ فِعْلٍ) يعني: في العمل، وهل ناب عنه في المعنى؟ هذا سيأتي تفصيله في محله، لكن المشهور هنا الذي يعنينا كـ (عمل) ويتعلَّق به نظر النحويّ من حيث البناء والإعراب: أنه ناب عنه في العمل.
فاسم الفِعْل يَعمل عَمل الفعل الذي ناب عنه مُطلقاً، إن كان لازماً فيرفع .. إن كان مُتعدياً فينصب .. إن كان مُتعدياً بِحرف كذلك يتعدى بِحرف، إذاً: هذا الذي يعنينا، وأمَّا كونها نائبةً عن لفظ الفعل، أو معنى الفعل، أو عن المصدَر كما سيأتي، هذه مسألة أخرى مُنْفكة عن مسألة العمل، ولذلك يُعيِّن النحويّ في الحد: كون هذه الألفاظ .. الأسماء نابت عن الفعل في العمل، ولذلك سبق: (وَكَنِيَابَةٍ عَنِ الْفِعْلِ) يعني: في العمل .. في كونها عاملةٌ ولا يعمل فيها غيرها.
(مَا نَابَ عنِ فعلٍ في العَمَل ولم يَتَأَثَّر بالعَوَامِل ولم يكن فضلة) هذا تعريف ابن مالك في التسهيل.
(مَا) اسمٌ موصول بمعنى: الذي، و (نَابَ) فعلٌ ماضي، والفاعل ضمير مستتر يعود على (مَا) والجملة لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، لكن هو يُعْرَب: فعل ماضي، يعني: يَرِد اعتراض في الحد، قال مثلاً: (كلمةٌ دَلَّت على معنىً في نفسها ولم تقترن بزمن) (دَلَّ) فعل ماضي، يأتي اعتراض: هل دَلَّ بمعنى أنه دَلَّ في الماضي والآن لا يدل؟ لأن الفعل الماضي يَدلُّ على انقطاع، هذا الأصل: حصل ووقع وانتهى، إذاً: دَلَّت في الزمن الماضي، والآن وقت الكلام لم تَدُل مثل: (قام زيد) قبل الكلام، قبل أن تتكلَّم حَصَل القيام والآن لا يوصف بكونه قائماً إلا بدليل.