(جَوِّزَنْهُ) الضمير يعود إلى الترخيم، كأنه يقول لك الأصل: المنع، الصحيح هذا، لا يُحْذَف حرف، لأن الحرف حرف مبنى، وهو أصلٌ من الكلمة، وخاصةً حذف كلمة كاملة كما في المركب المزجي، حينئذٍ الأصل فيه المنع، قال: (وَجَوِّزَنْهُ) وإذا كان كذلك حينئذٍ لا بُدَّ من شروطٍ في التَجوِيز.
(وَجَوِّزَنْه) أي: الترخيم، (مُطْلَقاً) .. مُطْلَقاً هذا حالٌ من المفعول به، وهو قوله: (جَوِّزَنْه) الضمير المتصل هنا مبني على الضَّم في محل نصب.
(مُطْلَقاً فِي كُلِّ مَا أُنِّثَ بِالهَا مُطْلَقاً) .. جَوِّزنه في كلِّ، (فِي كُلِّ) جار مجرور مُتعلِّق بقوله: (جَوِّز)، و (فِي كُلِّ) هو مَحلُّ الجواز، أين يُنَزَّل؟ (فِي كُلِّ مَا)، (كُلِّ) مضاف و (مَا) اسم موصول بمعنى: الذي، في محل جر مضاف إليه.
(أُنِّثَ) هو .. يعود على (مَا)، (أُنِّثَ) هذا مُغيَّر الصيغة، والضمير نائب فاعل.
(بِالهَا) أُنِّث بالهَاء، يعني: بتاء التأنيث .. مربوطة، لأنه يُوقَف عليها بالهاء.
إذاً قوله: (وَجَوِّزَنْه مُطْلَقاً فِي كُلِّ مَا ... أُنِّثَ بِالهَا) أي: يجوز ترخيم المنادى إذا كان مؤنَّثاً بالتاء مطلقاً، بدون شرطٍ أو قَيد، يعني: لا يُشْتَرَط فيه الشروط الآتية فيما إذا لم تتصل به التاء، فكُلُّ مؤنَّث في باب المُنَادى جَاز تَرخِيمُه مُطلقاً، سواءٌ كان معرفةً .. علماً أو لم يكن .. سواءٌ كان نكرة أو لا .. ثلاثياً رباعياً خماسياً سداسياً أو لا .. عَلَم جنس .. عَلَم شخص مطلقاً جَوِّزْنه بدون استثناء.
(وَجَوِّزَنْه مُطْلَقاً) أي: يجوز ترخيم المُنَادى إذا كان مؤنَّثاً بالتاء مطلقاً، أي: من غير شرطٍ من الشروط المذكورة في غير ذي التاء، (مُطْلَقاً) أي: سواءٌ كان علماً، أو غير علم، علم كـ: (فاطمة) مثلاً:
أَفَاطِمُ مَهْلاً بَعْضَ هذَا التَدَلُّلِ ..
(أَفَاطِمُ) حذف الحرف الأخير وهو التاء، فقال (أَفَاطِمُ .. أَفَاطِمَةُ) هذا الأصل احذِفْ آخِرَ المُنَادَى تَرْخِيمَاً .. حذفه وهو حرف، حينئذٍ نقول: (أَفَاطِمُ مَهْلاً).
أو غير عَلَم كـ: (جاري) لمُعيَّنة، كقوله:
جَارِىَ لاَ تَسْتَنْكِرِى عَذِيِرِى ..
يعني: يا جارية هذا الأصل، فحذف التاء كما حذف التاء من (فاطمة). أي: سواءٌ كان عَلَماً أو غير علم .. ثلاثياً أو لا، مثل: ثُب .. يا ثُبَ، (ثُبَةُ) هذا الأصل: (يا ثُبَتُ .. يا ثُبَ) .. (يا هِبَة .. يا هِبُ) كما سيأتي، ثلاثياً أو زائداً على الثلاثي.
وقوله: (مُطْلَقاً) أي: في الجملة، وإلا لاقتضى جَوَاز ترخيم المؤنث بالهاء، ولو كان مضافاً أو مركباً إسنادياً وليس كذلك.
إذاً: (جَوِّزَنْهُ مُطْلَقاً) إلا ما سيأتي استثناؤه، فيما إذا كان مُركباً تركيباً إسنادياً أو إضافياً ونحو ذلك، وهذا يؤخذ مما بعده.
إذاً: (وَجَوِّزَنْهُ مُطْلَقاً) قيَّد في التسهيل ما أطلَقَه هنا بالمُنَادى المبني، لإخراج النكرة غير المقصودة والمضاف، فلا يجوز الترخيم في نحو قول الأعمى: (يا جاريةً خذي بيدي) لغير مُعيَّنة، ولا في نحو: (يا طلحة الخير)، (يا طلح الخير) لا يجوز، إذاً: يُسْتَثنى من قوله: (مُطْلَقاً) النكرة غير المقصودة والمضاف، ولذلك قال الصَبَّان: "في الجملة".