(احْذِفْ آخِرَ المُنَادَى) .. (تَرْخِيماً) حال كونك مرخِّماً (احْذِفْ آخِرَ المُنَادَى) إذاً: الحذف هنا للتخفيف لا للإعلال، ولم يُقيِّد الآخر بكونه حرفاً، ما قَيَّده، قال: آخر المُنَادى، وآخر المُنَادى يشمل: الحرف، والحرفين، والكلمة وما قبلها، إذاً: هو عام، فشمل الأقسام الأربعة في باب ترخيم النداء، لأنهم ثلاثة على المشهور، وفي باب اثنا واثنتا حذفُ كلمة وحرف وهو خاصٌ باثني واثنتي.
لم يُقيِّد الآخر بكونه حرفاً، فشمل: الحرف، والحرفين، وعجُز المركب، والحذف هنا لأجل المُنَادى، أي: من حيث هو آخر المُنَادى، فلو قال: يا يدُ، معلوم أن (يد) أصلها: (يديٌ) فإذا قيل: يا يدُ .. ويا دمُ، أين الحرف الثالث؟ محذوف، هل يَصدق عليه أنه ترخيم .. يا يدُ .. يا دمُ .. يا أخُ .. يا أبُ هل يَصدق عليه أنه ترخيم؟ لا؛ لأن الحذف هنا سابق على النداء، والحذف اعتباطي وليس لأجل النداء، إنما تقول: جعفر .. منصور، ثم تقول: يا مَنْصُ .. يا جَعْفُ، إذاً: (جعفُ) هكذا دون نداء ما يجوز، لا يجوز حذف (جعف) و (منص) و (مسك) هذا كله لا يجوز إلا بعد نداءه.
إذاً: أن يكون الحذف من أجل المُنَادى من حيث هو مُنَادى، وأمَّا إذا كان الحذف اعتباطياً سابقاً على النداء، مثل: (يد) و (أخ) فإذا نُودِيَت لا نقول هذا من باب الترخيم، ولو كان آخره محذوفاً، لأن الحذف سابق، ونحن هنا نقول: أن يُحْذَف لأجل كونه مُنَادى، تقول: (جعفر) ثم تقول: (يا جعف) .. (سعاد .. يا سعا).
تَرْخِيمَاً احذِفْ آخِرَ المُنَادَى ... كَيَاسُعَا .........................................
مَثَّل لنا، ثُمَّ بعد ذلك سيذكر الشروط (كَيَا سُعَا) يعني: كقولك، أو: وذلك كـ: (يا سعا).
(فِيمَنْ دَعَا سُعَادَا) (يا سعادا .. يا سعادُ) بالبناء .. مبني على الضَّم .. مفرد، (يا سعادُ) ثُمَّ يُحْذَف الدال حذف ترخيم لأجل النداء، فيقال: (يا سُعا) حُذِفَت الدال تخفيفاً وترخيماً في باب النداء، يَصدق عليه الحذف (احذِفْ آخِر المُنادَى تَرخِيماً) يعني: ترقيقاً وتسهيلاً وتلييناً.
(كَيَا سُعَا) وذلك كـ: (يا سعا) فهو خبر مبتدأ محذوف، (كَيَا سُعَا) مُتعلِّق بمحذوف، خبر لمبتدأ محذوف، وذلك كـ: (يا سعا)، انظر هنا ما نقول: كقولك، وإن كان يَحتمل.
(فِيمَنْ) (في) حرف جر، و (من) اسم موصول في محل جر، و (دَعَا) بمعنى: نادى، لأننا نتكلم في النداء، فـ: (دَعَا) هنا مُرادُه تَصريحاً بأصل الفعل (فِيمَنْ دَعَا) يعني: فيمن نادى سُعادا، لأننا في باب النداء، والألف هذه للإطلاق.
ثُمَّ قال:
وَجَوِّزَنْهُ مُطْلَقَاً فِي كُلِّ مَا ... أُنِّثَ بِالهَا وَالَّذِي قَدْ رُخِّمَا
بِحَذْفِهَا وَفِّرْهُ بَعْدُ وَاحْظُلاَ ... تَرْخِيمَ مَا مِنْ هَذِهِ الهَا قَدْ خَلاَ
إِلاَّ الرُّبَاعِيَّ فَمَا فَوقُ الْعَلَمْ ... دُونَ إِضَافَةٍ وَإِسْنَادٍ مُتَمّ
(وَجَوِّزَنْهُ)، (جَوِّز) فعل أمر اتصلت به نون التوكيد الخفيفة فهو مبنيٌ معها على الفتح.