وعند ابن مالك رحمه الله تعالى: أن العلة غير هذه العلة، وهي: التمييز بين فاعل والمفعول في نا، نا الدالة على الفاعلين، ونا الدالة على المفعولين، أكرَمْنا .. أكرَمَنا، كل منهما في اللفظ واحد، لكن أكرَمْنا نا هذه فاعل في محل رفع فاعل، أكرَمَنا، نا هنا في محل نصب مفعول به، الذي يميز هذا عن ذاك هو السكون، وإلا الأصل: أكرَمَنا في الموضعين، هذا الأصل.
حينئذٍ سُكِّنَ الفعل المتصل بنا الدالة على الفاعلين ليتميز أن هذا الفعل مسند إلى الفاعل، وأن الذي فيه الفتح أكرَمَنا مسند إلى الفاعل أيضاً، لكنه ضمير مستتر، أو تقول: زيدٌ أكرَمَنا، زيدٌ: مبتدأ، وأكرم: فعل ماضي، وفاعله ضمير مستتر، و (نا) هنا دالة على المفعولين، والضمير متصل في محل نصب مفعول به، وحملت النون والتاء على (نا) للمساواة في الرفع والاتصال، يعني: من باب القياس؛ لأن الذي يبنى معه الفعل الماضي على السكون ثلاثة: (تا) فاعل قمت، وقمنا (نا) الدالة على الفاعلين، و (نون) النسوة.
نا: عرفنا أنها للتمييز، هي الأصل، والتاء قمت لم بني على السكون؟ ليس عندنا لبس، وكذلك النسوة قمن، ليس عندنا لبس، قال: من باب القياس، والعلة الجامعة هي المساواة في الرفع الاتصال، كل منها ضمائر متصلة، وكل منها ضمائر رفع، هذه العلة عند ابن مالك، وعلى هذا وذاك الأصل السماع، الأصل أنه مبني على السكون، وهذا هو الصحيح.
وأما فعل الأمر فله أربعة أحوال ذكرناها بالأمس.
............................... ... مِنْ نُونِ تَوْكِيدٍ مُبَاشِرٍ وَمِنْ ... وَأَعْرَبُوا مُضَارِعاً إِنْ عَرِيَا
......................................
يعني: الفعل المضارع معرب، وهل الأصل فيه الإعراب؟ الجواب (لا): الأصل فيه من حيث إنه فعل البناء، ثم لما أشبه الاسم فيما ذكرنا بالأمس حينئذٍ انتقل الحكم من الاسم وهو الإعراب إلى الفعل المضارع، لكن بشرط ألا يتصل به إحدى النونين: نون التوكيد بنوعيها، ونون الإناث، فإن اتصلت به نون التوكيد بنوعيها، حينئذٍ ينظر فيها: هل هي مباشرة أو لا؟ فإن كانت مباشرة، حينئذٍ بني الفعل معها على الفتح، وإن لم تكن مباشرة حينئذٍ الفعل معرب على الأصل، وضابط الفرق بين النوعين مباشر وغير المباشر أن الفعل المسند إلى المفرد الواحد: ((لَيُنْبَذَنَّ)) [الهمزة:4] نقول: هذا مبني، والنون هنا مباشرة، ليس ثم فاصل بين النون نون التوكيد والفعل.
وأما إذا أسند الفعل إلى ألف الاثنين، أو واو الجماعة، أو ياء المؤنثة المخاطبة، حينئذٍ نقول: ثم فاصل بين الفعل ونون التوكيد الثقيلة، ثم هذا الفاصل في الألف ملفوظ به: ((وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ)) [يونس:89] وقد يكون محذوفاً، وقد يكون .. في الألف لا يكون إلا ملفوظاً، وأما في الواو والياء فقد يكون ملفوظاً به وقد يكون مقدراً، يعني: محذوفاً للتخلص من التقاء الساكنين، والمحذوف لعلة كالثابت حينئذٍ هو كأنه موجود، ومنه: ((لَتُبْلَوُنَّ)) [آل عمران:186] .. ((فَإِمَّا تَرَيِنَّ)) [مريم:26] هذا كله داخل في هذا، ولا يمكن شرحها إلا بالرؤى، يعني: لا بد أن تشرح بالكتابة، أما بالنطق فلا تفهم.