حينئذٍ نقول: منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المناسبة .. مناسبة الألف، وحسرتا: مضاف، والألف مضاف إليه، وإن شئت قل: الألف المُنْقَلِبة عن ياء مضاف إليه في محل جر بالمضاف، ومثله: ((يَا أَسَفَى)) [يوسف:84].
الخامس أشار إليه بقوله: (عَبْدِيَا) إثبات الياء مُحَرَّكَة بالياء، (عَبْدِيَا) الألف هذه للإطلاق، أصله: عَبْدِيَ.
عَبْدِي: بالإسكان وبالفتح لغتان، بالإسكان وهي الأكثر وهي الأفصح، وبالفتح: عَبْدِيَ، ثُمَّ تُقْلَب الياء ألفاً، وتبقى .. هذه لغة، وتُحذَف ويُكْتَفَى بالفتحة قبلها .. هذه لغةٌ رابعة، بقي لغةٌ واحدة: وهي حذف الياء والاجتزاء بالكسرة، هذه خمس لغات ((قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا)) [الزمر:53] هذا دليلٌ على الخامسة.
وَاجْعَل مُنَادَىً صَحَّ إِنْ يُضَفْ لِيَا ... كَعَبْدِ عَبْدِي عَبْدَ عَبْدَا عَبْدِيَا
هذه خمس لغات، قال في شرح الكافية: " وذكروا أيضاً وجهاً سادساً - يعني: لغةً سادسة - وهو: الاكتفاء عن الإضافة بنيتها، وجَعْلُ الاسم مضموماً كالمنادى المفرد "، يعني: يُحذف المضاف ويُنْوى معناه، حينئذٍ إذا حُذِفَ المضاف ونُويَ معناه بُنِيّ .. بُنِيّ على ماذا؟ على الضم تشبيهاً له بالمفرد.
وهو: الاكتفاء عن الإضافة بنيتها، وجَعْلُ الاسم مضموماً كالمنادى المفرد، ومنه قراءة: (رَبُّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ) .. ربي .. رَبُّ، رَبُّ احْكُمْ بِالْحَقِّ، هنا رَبُّ بالضم بناءً على أنه حُذِفَ المضاف إليه وهو الياء ونُويَ معناه، حينئذٍ ضُمَّ كالمنادى المفرد.
وحكا يونس عن بعض العرب: يا أم لا تفعلي، أصله: يا أمي، ويقولون: رَبُّ اغفر لي، والأصل: ربي، حُذِفَتْ الياء ونُويَ معناها، ويا قَومُ لا تفعلوا، يا قومي: هذا الأصل، هذا كله محكي عن العرب، حينئذٍ نجعل هذه سادسة، وإن كان بعضهم قال: إنها شاذة أو نادرة، هو قليل لا شك، لأن الضَمَّ ثقيل.
ويا قَومُ لا تفعلوا، ويظهر أن قائله يحذف الياء والكسرة، ثُمَّ يعامله معاملة الاسم المفرد، فيضم آخره ضَمَّة مشاكلة للمفرد المبني فهو منصوبٌ تقديراً، يعني: أبقاه على أصله، هذا كلام الصبَّان: أنه أبقاه على أصله، فحينئذٍ حَذَفَ الياء ونَوَى معناها، ثُم أعطى المضاف ما يُعْطَى المفرد وهو الضم تشبيهاً له بالمفرد.
حينئذٍ: رَبُّ احْكُمْ، رَبُّ: هذا منادى منصوب لأنه مضاف باعتبار الأصل .. منادى منصوب، ونصبه فتحة مُقدَّرة على آخره، منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة المشاكلة أو المناسبة .. المشاكلة أحسن. فهو منصوبٌ تقديراً بفتحة مُقدَّرة، منع من ظهورها ضمة المشاكلة.
إذاً: هذا المضاف إلى ياء المُتَكلِّم الصحيح الآخر ليس معتلاً، وليس المضاف شبيهاً بالفعل، وليست الإضافة فيه إضافة لفظية، فيه خمس لغات، وزاد في شرح الكافية لغةً سادسة.
ثُمَّ قال:
وَفَتْحٌ اوْ كَسْرٌ وَحَذْفُ اليَا اسْتَمَرّ ... فِي يَا ابْنَ أُمَّ يَا ابْنَ عَمَّ لاَ مَفَرّ