يا زيد وحارثُ .. وحارثُ وحارثاً، هل يجوز فيه الوجهان؟ يَتعيَّن البناء على الضم هنا، لماذا؟ لكونه مُجرَّداً عن (أل) أما: يا زيدُ والحارثُ .. والحارثَ، جاز فيه الوجهان، عَطْف على المحل بالنصب، ومراعاة المُشَاكَلة في الرفع.
(فَفِيهِ وَجْهَانِ) بالإجماع وهما الرفع والنصب، تقول: يا زيد الحارثُ .. الحارثَ.
(وَرَفْعٌ يُنْتَقَى): يُخْتَار يعني، عُلم منه أن ثاني الوجهين هو النصب، لأنه اختار الرفع .. نَصَّ على الرفع، فالخلاف في الاختيار، والوجهان مجمعٌ على جوازهما.
(وَرَفْعٌ يُنْتَقَى) أي: يُخْتَار وفاقاً للخليل وسيبويه والمازني، لما فيه من مُشاكَلة الحركة، ولحكاية سيبويه: " أنه أكْثَر في كلام العرب من النصب "، إذاً (وَرَفْعٌ يُنْتَقَى): موافقةً لسيبويه، لأن سيبويه حَكَا أن أكْثَر كلام العرب الرفع، يعني: وجوده في لسان العرب الرفع أكثر من النصب، وإذا وُجِدَ أكثر كان هو المختار، مع جواز الوجه الآخر.
واختار أبو عمرو ويونس (النصب)؛ لأن ما فيه (أل) لم يَلِ حرف النداء، فلا يُجْعَل كلفظ ما وليه، اختار النصب يعني: النصب أرجح، لماذا؟ لأننا قلنا في البيت السابق: أن حرف العطف نائبٌ مناب العامل، فكأنه مُكَرَّر، فلو قيل: يا زيد ويا الحارث، هل يصح؟ لا يصح أن يتسلَّط عليه العامل، أو (يا) الندائية؛ لكونه مُحلىً بـ (أل)، و (يا) والمحلى بـ (أل) قلنا: لا يجتمعان إلا في الضرورة، هذا هو الأصل.
حينئذٍ مراعاةً لهذا قال: " النصب أرجح " لأنك لو رفعت حينئذٍ صار في قوة: يا زيدُ ويا الحارثُ، وهذا محذور، لكن ليس بظاهر.
واختار أبو عمرو ويونس (النصب)؛ لأن ما فيه (أل) لم يَلِ حرف النِداء فلا يُجْعَل كلفظ ما وليه، فلا تُطْلَب مُشاكَلتُه له.
وقال المُبَرِّد بالتفصيل: " إن كانت (أل) مُعرِّفة فالنصب، وإلا فالرفع " إن كانت مُعرِّفة: ((يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ)) [سبأ:10] (أل) مُعرِّفة، حينئذٍ النصب، " وإلا فالرفع " لأن المُعرَّف بـ (أل) يشبه المضاف حينئذٍ يُنْصَب.
وقال المُبَرِّد: " إن كانت (أل) مُعرِّفة فالنصب، وإلا فالرفع " لماذا؟ لأن المَعْرِفة .. المُعَرَّف بـ (أل) يشبه المضاف.
وَإِنْ يَكُنْ مَصْحُوبَ أَل مَا نُسِقَا ... فَفِيهِ وَجْهَانِ: الرفع والنصب.
(وَرَفْعٌ يُنْتَقَى): يُخْتَار، وقلنا: هذا بالإجماع أنه جائزٌ فيه الوجهان، وإنما الخلاف في المختار، إلا فيما عُطِفَ على نكرة مقصودة، نحو: يا رجل والغلام، فلا يجوز فيه عند الأخْفَش إلا الرفع، إذا كان معطوفاً على نكرة مقصودة لا يجوز عند الأخْفَش، وإلا الكثير على خلافه.
قال الشارح هنا: أي إنما يجب بناء المنْسُوق على الضَمِّ إذا كان مُفرَداً مَعْرِفةً بغير (أل) " -هذا ما يتعلق بالبيت السابق- " فإن كان بـ (أل) جاز فيه وجهان الرفع والنصب، والمختار عند الخليل وسيبويه ومن تبعهما الرفع وهو اختيار المصنف، ولهذا قال: (وَرَفْعٌ يُنْتَقَى) أي: يُخْتَار، فتقول: يا زيد والغُلامَ .. والغُلامُ، بالرفع والنصب.
ومنه قوله تعالى: ((يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ)) [سبأ:10] والطَّيْرُ .. والطَّيْرَ، لكن استبعد الطيْرَ (النصب).