وحُكْم عطف البيان والتوكيد حُكْم الصفة، فتقول: يا رَجُلُ زَيْدٌ وزَيْداً، بالرفع والنصب، ويا تميم أجمعون وأجمعين – انظر! ابن عقيل هنا ما ذكر هذا الحكم في البيت السابق - يعني: كأنه جَعَل (تَابِعَ ذِي الضَّمِّ المُضَافَ دُونَ أَلْ) مُقَيَّد بالمثال .. المثال خاصٌ بالصفة، حينئذٍ كأنه قَيَّدَه بالمثال، فقال: (تَابِعَ) أي: صفة (ذِي الضَّمِّ) .. نَعْت (ذِي الضَّمِّ).
فحينئذٍ فات الناظم أن يُنَبِّه على عطف البيان والتوكيد، ولذلك قال: " وحكم عطف البيان والتوكيد حكم الصفة " كأنه استدراك على الناظم، والصواب أن يقال: (تَابِعَ) هذا جنس يشمل التوابع كلها، حينئذٍ نخص منها النسق والبدل بالأبيات اللاحقة، ويُجْعَل الحكم عَامَّاً في عطف البيان، والنعت، والتوكيد.
وأما عطف النسق والبدل ففي حكم المُنَادى المستقل، (عطف النسق) يُقَيد بأن يكون مُجرَّداً عن (أل) والبدل في حكم المُنَادى المستقل، فيجب ضَمُّه إذا كان مُفرَداً نحو: يا رجل زَيْدُ .. (زَيْدُ) هذا بدل من رجل، مبنيٌ على الضَّمِّ في محل نصب، ويا رجلُ وزيدُ: هذا معطوفٌ على رجل، وهو مُنَادى مبني في محل نصب.
كما يجب (الضَّمُّ) لو قلت: يا زيد، ويجب نصبه إن كان مُضافاً، نحو: يا زيد أبا عبد الله، ويا زيد وأبا عبد الله، كما يجب نصبه إذا قلت: يا أبا عبد الله، وهكذا حُكمُهمَا مع المُنَادى المنصوب، لأن البدل في نِيَّة تَكرار العامل، والعَاطِف كالنائب عن العامل، فإذا كَرَّرَت حرف النداء مَعهُما كَانَا كالمبَاشِرَين لحرف النداء.
وَإِنْ يَكُنْ مَصْحُوبَ أَلْ مَا نُسِقَا ... فَفِيهِ وَجْهَانِ ...............................
ما معنى البيت؟ إذاً: المَنْسوق له حالان:
مَنْسوقٌ مُجرَّدٌ عن (أل) فحينئذٍ يَتعيَّن فيه وجهٌ واحد: وهو أنه كمُنَادى مستقل.
ومَنْسوقٌ مُحلى بـ (أل) فحينئذٍ فيه وجهان: كالمضاف المقرون بـ (أل)، والمفرد.
(وَإِنْ يَكُنْ) .. (مَا نُسِقَا) .. (مَصْحُوبَ أَل)، (مَصْحُوبَ) ما إعرابه؟ خبر (يكن) (مصحوب): مضاف، و (أل) قُصِد لفظه مضافٌ إليه.
(مَا نُسِقَا): (ما) اسم موصول بمعنى: الذي، و (نُسِقَا): الألف هذه للإطلاق .. (نُسِقَ) هو نائب فاعل، والجملة صلة الموصول، و (مَا) هذه قلنا: في محل رفع اسم (يكن)، و (مَصْحُوبَ): خبر مقدم.
(فَفِيهِ) يعني: في المنْسُوق بـ (أل) إذا وقع تابعاً، (وَجْهَانِ): ما هما هذان الوجهان؟ ما ذكر هو، هو ذكر قال: (وَرَفْعٌ يُنْتَقَى) وسكت عن الوجه الثاني، حينئذٍ يُقابله النصب من باب أنه مذكورٌ في قوله: (وَمَا سِوَاه انْصِب أَوِ ارْفَعْ) لأن الخفض هنا غير وارد، وحينئذٍ إما نصبٌ، وإما رفعٌ.
(فَفِيهِ وَجْهَانِ): وهذا بالإجماع .. محل وفاق، وإنما الخلاف في الأرجح، يجوز وجهان في المنْسُوق المصحوب لـ (أل) بالإجماع، وإنما وقع الخلاف في أيهما أرجح، قال: (وَرَفْعٌ يُنْتَقَى) تقول: يا زيد والحارث، (الواو) حرف عطف، و (الحارثُ) و (الحارثَ) هذا منسوق مُحلىً بـ (أل) فيجوز فيه الوجهان.