فحينئذٍ دفعاً لكراهة توالي الأمثال حذفت نون الرفع، فصار ماذا؟ تضربانَ، بالفتح على الأصل، ثم كسرت نون التوكيد بعد ألف الاثنين تشبيهاً لها بنون المثنى مسلمان، إذاً: هل اتصلت النون هنا بالفعل؟ الجواب: لا، فإذا لم تتصل بالفعل حينئذٍ انتفى شرط بنائه؛ لأن شرط بناء الفعل المضارع مع نون التوكيد أن تكون مباشرة، بمعنى: أنه لا يفصل بينهما فاصل، وهنا قد فصل بينهما فاصل، وهو ألف الاثنين، إذاً أصله: هل تضربان .. تضربان، لا ينطق به، ثم بعد ذلك جاءت نون التوكيد، فاجتمعت ثلاث نونات، فحذفت الأولى وهي نون الرفع كراهة توالي الأمثال، أي: الممنوع وذلك إذا كانت كلها زائدة فصار هل تضربانِّ، ولم تحذف الألف مع كون الألف ساكنة، والنون الأولى ساكنة، التقى ساكنان هنا: الألف والنون، لم تحذف الألف لماذا؟
قالوا: لئلا يلتبس بفعل الواحد، لو حذفت الألف لقيل: هل تضرِبَنّ على الأصل، كسرت النون من أجل وجود الألف، فإذا حذفت رجعت إلى أصلها بالفتح، فحينئذٍ هل تضربن، هل هذا مثنى أو مفرد؟ هذا ملتبس، متى هذا؟ إذا حذفنا الألف، ولكن نبقيها دفعاً لهذا اللبس، إذا نحذف نون الرفع ولا نحذف نون التوكيد، لماذا؟ نقول: لم تحذف نون التوكيد لماذا؟ لفوات المقصود منها بحذفها، أليس كذلك؟ نون الرفع حرف معنى أو لا؟ حرف معنى لا شك؛ لأنه يدل على الفاعلية .. يدل على أنه مرفوع، ونون التوكيد كذلك حرف معنى.
أيهما يتضرر الفعل بفواته: حذف نون الرفع، أو نون التوكيد؟ لو حذفت نون التوكيد لما صار الفعل مؤكداً .. لو عكسنا وحذفنا نون الرفع هل يتضرر الفعل؟ نقول: لا، بدليل أنه لم يسبقه ناصب ولا جازم، فدل على أن هذا الفعل مرفوع، نعلم من يقرأ: هل تضربان، يعرف أن هذا الفعل مرفوع، أين النون؟ محذوفة، هل وجد ناصب؟ لا، هل وجد جازم؟ لا، إذاً: حذفت دفعاً لتوالي، أو كراهة توالي الأمثال.
إذاً: ولم تحذف نون التوكيد لفوات المقصود منها بحذفها، أي: لعدم ما يدل عليها، بخلاف نون الرفع فإنها وإن أتي بها لمعنىً مقصود لكن لا يفوت بحذفها، لوجود الدليل عليها وهو أن الفعل معرب لم يدخل عليه ناصبٌ ولا جازمٌ للعلم حينئذٍ بأن نون الرفع مقدرة.
وكذلك يعرب الفعل المضارع إذا فصل بينه وبين نون التوكيد فاصل مقدر كواو الجمع، أو ياء المخاطبة.