فعلى المذهبين .. مذهب المُبَرِّد وسيبويه: يا زيدُ، في قوة الجملة، ولذلك يُعَبَّر مجازاً أنه جملة، بل هو باعتبار الأصل جملة، لكن باعتبار: يا زيدُ، اللفظ لوحده ليس بجملة، لماذا؟ لا يُوجدَ مسند ومسند إليه مؤلَّف من حرفٍ واسمٍ.
إذاً: في اللفظ .. من حيث اللفظ لا .. ليس بجملة، أما باعتبار الأصل فنعم، لماذا نظرنا إلى الأصل؟ لأننا نقول: أن يا زيد، لو سَلَّمْنا بظهوره أنه أفاد فائدة الجملة الاسمية أو الفعلية لحكمنا بكون (يا) و (زيد) مسند ومسند إليه، وهذا من الأدلة أيضاً مما يبطل أن (يا) هي العامل، لأننا لو قلنا: (يا) هي العامل وصار الفعل نسياً منسياً حينئذٍ صار التركيب مؤلفاً من اسمٍ وحرفٍ، وهذا باطل.
إذاً: على المذهبين: أن (يا زيدُ) جملة، لكن باعتبار الأصل، سواء الأصل الملاحظ عند سيبويه والأثر الموجود المحلي، أو الظاهر في المضاف، والشبيه بالمضاف المنسوب للعامل، أو على مذهب المُبَرِّد: بأن الفعل صار نسياً منسياً، وسَدَّت (يا) النِدائية مَسَدَّ ذلك الفعل، على المذهبين: (يا زيدُ) جملة، يعني: مفيدٌ فائدة الجملة.
وهل المُنَادى أحد جزئي الجملة .. إذا قيل: (يا زيدُ) جملة، هل المُنَادى أحدُ جزئي الجملة؟ على المذهبين أيضاً لا، لماذا؟ لأن جزئي الجملة فعل وفاعل، على مذهب سيبويه وعلى مذهب المُبَرِّد، حينئذٍ على مذهب سيبويه: زيد .. يا زيدُ، (زيد) هذا مفعولٌ به، إذاً: ليس جزءً أساسياً في الجملة، وإنما: (أدعو) فعل وفاعل، أُنيبَ (يا) مُقَامَ (أدعو) فحُذِفَ الفعل مع فاعله، وعلى مذهب المُبَرِّد (يا) سَدَّتْ مَسَدَّ الفعل، فحُذِفَ الفعل مع فاعله.
إذاً: الجملة مؤلفة من الفعل والفاعل، فعلى المذهبين زيد ليس جزءً من الجملة؛ لأنه مفعولٌ به على المذهبين، وليس المُنَادى أحد جزئيها، فعند سيبويه (جزءاهما) الفعل والفاعل مُقدَّران؛ لأنه لمَّا حُذِفَ الفعل وحُذِفَ معه الفاعل، وهذا سبق معنا: أن حذف الفاعل قد يكون مُطَّرِداً فيما إذا حُذِفَ الفعل، من ضَرَبْتَ؟ زيداً، (زيداً) مفعولٌ به، أين عامله؟ (ضرب) .. أين الفاعل؟ محذوف .. حُذِفَ معه؛ لأنه متصلٌُ به.
فعند سيبويه (جزءاهما) أي: الفعل والفاعل مُقدَّران، وعند المُبَرِّد: حرف النداء سَدََّ مَسَدَّ أحد جزئي الجملة، أي: الفعل، والفاعل مُقَدَّر، يعني: أن المُبَرِّد يرى: أن (يا) هنا سَدَّتْ مَسَدَّ الجزء الأول وهو: الفعل، فحينئذٍ كأنه موجود، والفاعل هو المحذوف، وهذا فيه تَكَلُّف.
والمفعول هنا على المذهبين: واجب الذكر لفظاً أو تقديراً، إذ لا نداء بدون المُنَادى، إذاً الصواب أن نقول: أن النصب هنا فيما إذا بُنِي محلاً، أو فيما إذا أُعرِبَ لفظاً، إنما هو بالعامل المحذوف، الذي أُنيبت (يا) أو (حرف النداء) مُنابه، وليست (يا) هي التي نصبت، وهذا قولٌ ضعيف.
إذاً: قول الناظم هنا:
وَالمُفْرَدَ المَنْكُورَ وَالْمُضَافَا ... وَشِبْهَهُ انْصِبْ عَادِمَاً خِلاَفَا
يعني: انْصِبْ حال كونك عَادِماً خِلاَفَا المفرد المنْكُور، وما عُطِفَ عليه، هذا يُعتبرُ من المنصوبات. ثم قال:
وَنَحْوَ زَيْدٍ ضُمَّ وَافْتَحَنَّ مِنْ ... نَحْوِ أَزَيْدَ بْنَ سَعِيدٍ لاَ تَهِنْ