المذهب الثاني: أن يبنى على الفتح والسكون فقط لا على الضم، وهذا رجحه ابن هشام في: أوضح المسالك، يعني: نفس المذهب السابق إلا أنه أسقط البناء على الضم، وجعل الفتحة فيه مقدرة، قاموا: فعل ماضي مبني على الفتح المقدر، منع من ظهوره اشتغال المحل بحركة المناسبة.

إذاً، المذهب الثاني: أن الماضي يبنى على الفتح والسكون، ونحو ضربوا الفتح مقدر.

المذهب الثالث: يبنى على الفتح في جميع الأحوال مطلقاً سواء اتصل به ضمير رفع متحرك أو اتصل به واو الجماعة أو لا، يبنى على الفتح مطلقاً، وهذا هو الأرجح والأصح.

أما نحو: ضرَبْتُ، فنقول: هذا مبني على فتح مقدر؛ لأن هذا السكون عارض، الأصل: ضرَبَتٌ بتحرك الباء بالفتح على الأصل، ضرَبَ: فعل ماضي اتصل ضمير رفع، قيل: ضرَبَتُ، حينئذٍ من قاعدة العرب: أنه لا يوجد في كلمة واحدة، أربع متحركات متوالية، دفعاً لهذا التوالي سكن آخر الفعل، فحينئذٍ هذا السكون ليس سكون بناء، وإنما هو سكون عارض، فإذا علمت العلة من وجود هذا السكون رجعنا إلى الأصل في إعراب الفعل الماضي عند التجرد، يعني: قبل اتصال تاء الفاعل، فضرَبْتُ نقول: أصله ضرَبَتُ سكنت الباء دفعاً لتوالي أربع متحركات فيما هو كالكلمة الواحدة، حينئذٍ بقي على أصله، فنقول: ضرب، فعل ماضي مبني على الفتح المقدر، منع من ظهوره اشتغال المحل بسكون دفع توالي أربع متحركات، فيما هو كالكلمة الواحدة.

وأما: قاموُا، فهذا واضح بين أن هذه الضمة إنما جيء بها لأجل مناسبة الواو؛ لأن الواو لا يناسبها ما قبلها إلا أن يكون مضموماً، إذاً نقول: الفعل الماضي الصحيح أنه مبني على الفتح مطلقاً سواء اتصل به ضمير رفع متحرك، أو اتصل به واو الجماعة، وأما مذهب الجمهور فهذا فيه نظر.

وَفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضِيٍّ بُنِيَا ... وَأعْرَبُوا مُضَارِعاً إنْ عَرِيَا

هذا شروع في الفعل المضارع، أعربوا، من الذي أعرب، العرب أو النحاة؟ يحتمل ويحتمل؟ يحتمل أعربوا .. العرب أو النحاة، يحتمل هذا وذاك، وأعربوا، أي: العرب نطقوا بالمضارع معرباً، أو النحاة حكموا للفعل المضارع بالإعراب، واضح؟ يحتمل هذا ويحتمل ذاك.

وَأعْرَبُوا مُضَارِعاً إنْ عَرِيَا: وأعربوا، أي: العرب بمعنى: نطقوا به معرباً، أو النحاة بمعنى: حكموا بإعرابه، أعربوا مضارعاً، يعني: فعلاً مضارعاً على خلاف الأصل؛ لأن الأصل فيه أن يكون مبنياً، هذا الأصل في الفعل المضارع، ولكن لكونه أشبه الاسم أخذ حكمه، أشبه الاسم في وجه شبه سيأتي، لوجود هذا الشبه قالوا: أخذ حكم الاسم وهو الإعراب، ما وجه الشبه؟ فيه قولان:

القول الأول وهو المرجح: أن الفعل المضارع تتوارد عليه معانٍ مختلفة، وهذه معانٍ تركيبية يعني: إنما توجد بعد تركيبه، لا يتميز وتتميز هذه المعاني المختلفة إلا بالإعراب، لما وجدت فيه علة إعراب الاسم وهي توارد المعاني المختلفة، حينئذٍ ألحق الفعل المضارع بالاسم فأخذ حكمه وهو الإعراب، قلنا: ما أحسنَ زيداً .. ما أحسنُ زيدٍ .. ما أحسنَ زيدٌ، هذه ثلاثة أحوال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015