(وَالْفَاءُ قَدْ تُحْذَفُ مَعْ مَا عَطَفتْ ... والْوَاوُ) الفاء قد تحذفُ: هذه جملة مبتدأ وخبر، (وَالْوَاوُ) جملة كذلك مبتدأ وخبر، ثُمَّ عَلَّل الحكمين: (إِذْ لاَ لَبْسَ) وهو قيدٌ في النوعين: حذف الفاء مع معطوفها، والواو مع معطوفها، أي: وقت عدم اللبس، فـ (إذ) ظرفية لا تعليلية .. لا يمكن يُتصور أنها تعليلية، تعليل للحذف محتمل، لكن الأولى أن يُقال: بأنها ظرفية، فـ (إذ) ظرفية لا تعليلية.
(إِذْ لاَ لَبْسَ) لا: نافية للجنس تعمل عمل (إنَّ)، ولبس: اسمها.
عَمَلَ إِنَّ اجْعَلْ لِلاَ فِي نَكِرَهْ ..
لَبْسَ: هذا نقول: اسم لا مبنيٌ معها على الفتح في محل نصب، (إذْ لاَ لَبْسَ)، والخبر محذوف، إذ لا لبس موجودٌ.
. . . . . . . . ... . . . . . وَهْيَ انْفَرَدَتْ
بِعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِي ... مَعْمُولُهُ. . . . . . .
(وَهْيَ) أي الواو؛ لأن الضمير هنا يعود إلى أقرب مذكور .. الواو، (انْفَردَتْ) من بين حروف العطف (بعَطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ) يعني: محذوف (قَدْ بَقِي مَعْمُولُهُ) يعني: انفردت الواو عن سائر أخواتها من حروف العطف بأنه يُعْطَف بها عاملٌ محذوف، وهذا العامل المحذوف له معمول، بقي المعمولُ وحُذِفَ العامل.
(دَفْعَاً لِوَهْمٍ اتُّقِي)، (دَفْعَاً) هذا مفعول لأجله، (لِوَهْمٍ) هذا مُتَعلِّق به، و (اتُّقِي) أي: حُذِرَ.
(وَهْيَ) مبتدأ، (انْفَرَدَتْ) كعطفت، والجملة خبر، (بِعَطْفِ عامِلٍ) بِعَطْفِ: جار مجرور مُتَعلِّق بقوله: (انْفَرَدَتْ)، و (عَطْفِ) مضاف و (عَامِلٍ) مُضاف إليه، (مُزَالٍ) أي: محذوف .. أزِيل، يعني: حذف عبَّر بالإزالة عن الحذف، محذوفٍ مُزَالٍ: هذا صفة لعامل.
(قَدْ بَقِي مَعْمُولُهُ) هذه الجملة في محل جر صفة ثانية لعامل، (عَامِلٍ) وصفه بوصفين: كونه مزالاً أي: محذوفاً، وكونه (قَدْ بَقِي مَعْمُولُهُ) قَدْ: هنا للتحقيق، و (بَقِي) هذا فعل ماضي، (مَعْمُولُهُ) هذا فاعل.
وإنما لم يُجعل العطف فيهن على الموجود دفعاً لوهم اتقي، يعني: لا بُدَّ أن نَجعل المعطوف هنا على محذوفٍ، متى؟ إذا كان ثَمَّ وهمٌ، وهذا سبق مثاله في باب:
عَلَفْتُهَا تِبناً ومَاءً بَارِداً .. المفعول معه.
قلنا: (عَلَفْتُهَا تِبناً وَمَاءً)، (وَ) حرف عطف، وَهْيَ انْفَرَدَتْ بِعَطْفِ عامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِي مَعْمُولُهُ)، (مَاءً)، (مَاءً) هنا لو عطفناه على عَلَفْتُهَا، الماء لا يُعلف، أليس كذلك .. فيه شك؟ إذاً: لا بُدَّ أن يكون ماء معمولاً لعامٍل محذوف معطوف على سابقه، فالواو على أصلها: حرف عطف، وماءً: معمول، أين العامل؟ محذوف، إذاً: الواو قد عطفت عاملاً محذوفاً تقديره: سقيتها، وبقي معموله وهو: ماءً، لماذا؟ (دَفْعَاً لِوَهْمٍ اتُّقِي)، لماذا قَدَّرنا أن ثَمَّ عاملاً؟ لأنه يحتمل، الأصل عدم الحذف، فإذا أمكن حمل الظاهر أن يكون معطوفاً على سابقه فهو الواجب والمتعين، أمَّا إذا لم يُمكن حينئذٍ لا بُدَّ من تقدير عاملٍ محذوف، والواو عاطفة لذلك العامل على سابقه، وأن المعمول الباقي .. الذي بقي، هذا معمولٌ لذلك العامل المحذوف: