الأول: ألا تتقدم عليها الواو، متى تكون حرف عطف عند الجمهور؟ بشرط: ألا تتقدم عليها الواو، يعني لا يصح أن يُقال: ما جاء زيدٌ ولكن عمروٌ، على أن (لكِنْ) حرف عطف، لماذا؟ لأنها لو دخلت الواو فالواو هي حرف العطف، فإن تقدمت الواو نحو: ما مررت بزيدٍ ولكن عمروٌ كانت الواو هي العاطفة، ثم إن أكثر النحاة: على أن المعطوف بالواو يعني: إذا كان قبل (لكِنْ) .. على أن المعطوف بالواو إذا كان مفرداً فإنه يجب فيه أن يشارك المعطوف عليه في الإثبات والنفي، يعني: إذا كان ما قبلها منفي .. إذا كان ما بعد (لكِنْ) مفرداً، فوجب أن يشارك ما قبلها في النفي والإثبات، بمعنى: أنه لا يُقدَّر له محذوف فتُجعل الجملة مستقلة، وإنما يبقى على كونه مفرداً، فحينئذٍ يَثبت له ما ثبت لما قبل (لكِنْ) إمَّا من جهة الإثبات أو النفي.
ثُمَّ إن أكثر النحاة: على أن المعطوف بالواو إذا كان مفرداً، فإنه يجب فيه أن يشارك المعطوف عليه في الإثبات والنفي، وعلى هذا يقدر للمعطوف عامل مُثبَتٌ من جنس العامل في المعطوف عليه، وتكون الواو قد عطفت جملة على جملة، فتقدير المثال السابق: ما مررت بزيدٍ ولكن مررت بعمروٍ، هذا عند الجمهور.
إذاً الشرط الأول: ألا تكون مسبوقةً بالواو، فإن سُبِقَت بالواو فليست حرف عطف.
الشرط الثاني: أن تُسْبَق (لكِنْ) بنفيٍ أو نهيٍ، وهو الذي نَصَّ عليه الناظم هنا، وهذا الشرط اشترطه البصريون ولم يشترطه الكوفيون، كونها: مسبوقةً بنهي أو نفي، هذا الشرط عند البصريين ولم يشترطه الكوفيون، فنحو: قام زيدٌ لكن عمروٌ، فعمروٌ عند الكوفيين معطوفٌ على زيد عطف مفرد على مفرد، و (لكِنْ) عاطفةٌ وإن لم يتقدمها نفيٌ ولا نهيٌ، وعند البصريين لا تكون عاطفةً، فعمروٌ في هذا المثال لا يجوز أن يكون معطوفاً على زيد عطف مفرد على مفرد لعدم الشرط، وهو النفي والنهي، يعني: لم يتقدم نفيٌ ولا نهيٌ، حينئذٍ يكون فاعلاً بفعلٍ محذوفٍ يدل عليه المتقدم على (لكِنْ)، والتقدير: قام زيدٌ لكن عمروٌ لم يقم .. لكن لم يقم عمروٌ.
قام زيدٌ لكن: لكن هنا سبقت بماذا؟ بإيجاب .. بإثبات، إذاً: لا تكون حرف عطف، طيب! إذا عُطِفَ بعدها مفرد: قام زيدٌ لكن عمروٌ؟ نقول: (لكِنْ) تقتضي أن ما بعدها يأخذ حكم نقيض ما قبلها، حينئذٍ نقول: قام زيدٌ لكن لم يقم عمروٌ، على النفي. ويجوز أن يكون مبتدأ خبره محذوف، وتقديره: قام زيدٌ لكن عمروٌ لم يقم، وعلى كلا التقديرين: (لكِنْ) حرف ابتداء جيء به لإفادة الاستدراك لا حرف عطف.
إذاً: يشترط في (لكِنْ) أن يتقدمها نفيٌ أو نهيٌ، فإن لم يتقدمها فحينئذٍ هي حرف استدراكٍ عند البصريين، وحرف عطفٍ عند الكوفيين.
الشرط الثالث: ألا يقع بعد (لكِنْ) جملة تامة، فإن وقع بعدها جملة تامة فهي حينئذٍ حرف عطف، وليس عاطفةً.
إذاً: بهذه الشروط الثلاثة، نحكم على (لكِنْ) بكونها حرف عطفٍ: ألا يتقدمها الواو، الثاني: أن يتقدمها نهيٌ أو نفيٌ، والثالث: ألا يكون بعدها جملة تامة.