فحينئذٍ يقوى على أن يعمل مذكوراً ومحذوفاً، ودائماً الأصول هكذا، الأصول تعمل محذوفةً ومذكورةً، أما الحرف فالأصل فيه ألا يعمل، الحرف وهو ملفوظ الأصل فيه ألا يعمل، فإذا عمل الحرف وهو ملفوظ به حينئذٍ جاء على خلاف الأصل، وما جاء على خلاف الأصل فهو ضعيف، فإعماله وهو ملفوظ به ضعيف، هذا الحرف، فإذا حذف كان من باب أولى وأولى أن يكون أضعف في العمل، فكيف يبقى تأثيره بعد حذفه؟ إذاً: القول بكون اضرب مجزوم بلام الأمر محذوفة، نقول: هذا قول ضعيف؛ لأن الحرف لا يعمل محذوفاً، بل هو وهو ملفوظ به ضعيف، فمن باب أولى ألا يعمل محذوفاً.

إذاً: هذا ما اختلف فيه بين البصريين والكوفيين، وهو مبني عند البصريين على الأصل، هل يحتاج البصريون إلى إثبات بنائه إلى دليل؟ نقول: لا؛ لأنه ثبت أن البناء أصل في الفعل، فحينئذٍ ما جاء على الأصل لا يطالب بدليل، فإذا قال البصري: الفعل فعل الأمر مبني لا نقول له: ائت بالدليل؛ لأنه استدل بالأصل، يعني: واقع عنه حالاً.

حينئذٍ من قال: خرج عن الأصل قيل له: ائت بالدليل؟ ((قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ)) [البقرة:111] فإن أثبته دليلاً صحيحاً قبل على العين والرأس، ويستثنى من الأصل، وإن لم يأت فحينئذٍ نستصحب الأصل، هذا هو الأصل فيه.

إذا قلنا: أنه مبني على الصحيح على أي شيء يبنى؟ المشهور عند النحاة أن الأمر مبني على ما يجزم به مضارعه، هذا هو المشهور عند النحاة، فالأمر مبني على ما يجزم به مضارعه، فإذا كان المضارع مجزوماً بالسكون حينئذٍ بني على السكون، وإذا كان مضارعه جزم بحذف حرف العلة حينئذٍ يبنى فعل الأمر على حذف حرف العلة، وإذا كان مضارعه يجزم بحذف النون بني فعل الأمر على حذف النون، الأمثلة نحتاجها أم لا؟ ما نحتاج أمثلة.

لم يضرب: هذا فعل مضارع مجزوم بالسكون، اضرب: هذا فعل أمر مبني على السكون؛ لأن مضارعه يضرب إذا دخل عليه جازم جزم بالسكون، يغزو .. لم يغزُ .. لم يدعُ .. لم يرمِ .. لم يخشَ، نقول: هذه جزمت بحذف حرف العلة، أغز يا زيدُ، ارم يا عمرو .. اخش يا زيدُ، نقول: هذه كلها مبنية على حذف حرف العلة، ماذا بقي؟

المجزوم بحذف النون، لم يقوما .. لم يقوموا .. لم تقومي، إذاً نقول في فعل الأمر قوما: مبني على حذف النون، قوموا: مبني على حذف النون، قومي: مبني على حذف النون؛ لأن مضارعه يجزم بحذف النون، في هذه الأمثلة واضح بين: أن فعل الأمر يبنى على ما يجزم به مضارعه، وهذه القاعدة في مثل هذا لا بأس بها: الأمر مبني على ما يجزم به مضارعه.

لكنها أورد عليها بعض الإيرادات من حيث ماذا؟ عدم الشمول؛ لأنها لا تشمل بعض الأشياء، ويدخل تحتها بعض ما كان الأصل أنه خارج عنها، يرد عليها: أمر جمع المؤنث صحيحاً كان أو معتلاً، إذا أمرت نسوة ماذا تقول؟ قمن، ((وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ)) [الأحزاب:33] مضارعه، ما هو مضارعه .. مجزوم؟ النسوة يقمن، قمن؟ مبني على السكون، هنا يقول: على ما يجزم به مضارعه! خص نوعاً من أنواع المضارع، فحينئذٍ لا يدخل تحته أمر المؤنث، صحيحاً كان أو معتلاً، لماذا؟ لأن مضارعه مبني وليس مجزوماً: النسوة يقمن، فحينئذٍ نقول: الأمر منه مبني على السكون، كما أن مضارعه مبني على السكون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015