وَفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضِيٍّ ومضيٌ يجوز الوجهان، وَمُضِيٍّ بُنِيَا .. هذا يحتمل أن الألف هذه ألف الفاعل .. ألف الاثنين، ويحتمل أنها ألف الإطلاق، على حسب توجيه وَمُضِيٍّ، وَمُضِيٍّ بجر مضيٍ وتقدير مضاف حذفه الناظم لمماثلته المعطوف عليه، وأبقى المضاف إليه بحاله، يعني: أصل التركيب: وفعل أمرٍ .. وفعل مضيٍ بنيا، هذا أصل التركيب، قد يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه على حاله .. كحاله كما سيأتي، فحذف المضاف فعل مضيٍ وأبقى مضي على حاله.
وقوله: بُنِيَا، الرافع لضمير التثنية خبر عن المذكور والمحذوف، فحينئذٍ أخبر بالمثنى عن مفرد أو عن مثنى؟ مثنى معنىً لا حقيقةً، بُنِيَا، لا بد من التطابق بين المبتدأ والخبر، وفعل أمر .. فعل: هذا مبتدأ، أين خبره؟ بني، أليس كذلك؟ هذه الألف ألف الاثنين، وفعل أمر واحد، كيف يخبر عنه بقوله: بنيا؟ نقول: أصل التركيب: وفعل أمرٍ .. وفعل مضيٍ بنيا، هذا لا إشكال فيه، يعني: صار بنيا الألف هذه عائدة على فعل أمر المذكور وفعل مضي المحذوف، فعادت على اثنين: على مذكور وعلى محذوف، فلما أبقى المضاف إليه كحاله كأن المضاف صار موجوداً؛ لأن أثره موجود، وإذا كان أثره موجود حينئذٍ فهو كالموجود.
فقوله: بُنِيَا، هذا يعود الاثنين، فلا يلزم الإخبار عن المفرد بمتحمل ضمير التثنية، وهو بنيا، ويجوز رفع مضيٌ عطفاً على فعلُ، على أنه أقيم مقام المضاف عند حذفه، وَفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضِيٍّ .. أصله: وفعل مضيٍ حذف المضاف فعل ثم أقيم المضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه، هذا وجهٌ، أو على أنه بمعنى ماضٍ، ومضيٍ بمعنى: ماضٍ، ولكنه تغيرت صيغته ولم يجعله مضافاً إليه، يعني: لم يكن ثم لفظ فعل موجوداً، بل مضي بمعنى: ماضي، وهذا فيه تكلف.
ويحتمل أن ألف بني للإطلاق وأن ضميره يرجع إلى فعل أمر مراداً به الجنس، ضمن نوعيه فعل الأمر وفعل المضي، يعني: كما قلنا هناك بتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ، يحتمل أن وأتت هذا معطوف على المضاف إليه، فحينئذٍ بتاء صار اسماً مشتركاً بين التائين، وَفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضِيٍّ، يحتمل أن مضي هذا معطوف على أمر، وحينئذٍ يصير فعل، هذا ليس خاصاً بالأمر بل صار جنساً مشتركاً يصدق على الأمر وعلى الماضي، وفعل أمر هذا من إضافة الدال إلى المدلول، يعني: فعل يدل على الأمر، والفعل الدال على الأمر، -أي أمر اصطلاحي أو لغوي-؟ إذا قيل: فعل الأمر المراد به الاصطلاحي؛ لأن هذا اسمه فعل الأمر من إضافة الدال إلى المدلول، فعل أمر يدل على الأمر الاصطلاحي بتوفر شرطه، يعني: وجود علامتيه.
وَفِعْلُ أَمْرٍ وَمُضِيٍّ بُنِيَا: إذاً الحكم على الفعل فعل الأمر بأنه مبني، والحكم على الفعل فعل الماضي أنه مبني، يبنى على أي شيء؟ ما بين المصنف رحمه الله تعالى وجه البناء، بل حكم عليه أنه مبني، وأحال على المُوَقِّف، فحينئذٍ نقول: فعل الأمر هل هو معرب أو مبني؟ على الخلاف الموجود بين البصريين والكوفيين، هنا قال: