(وَنَحْو بِشْر تَابِع البَكْرِيِّ) هذا يقصد به البيت:
أَنا ابنُ التَّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْرٍ ... عليه الطَّيْرُ تَرْقُبُه وُقُوعاً ...
(أَنا ابنُ التَّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْرٍ) أين محل الشاهد؟ بشرٍ: هذا عطف بيان مِمَ؟ البَكْرِيِّ، ولذلك قال الناظم هنا: (ونَحْو) يعني: في غير، هذا المستثنى مما لا يجوز إعرابه بدل مع كونه عطف بيان، الأول غَلاَمُ يعْمُرَا، الثاني: (وَنَحْوِ) هذا معطوف على: (غَيْرِ)، (بِشْرٍ تَابِعٍ البَكْريِّ) إذاً: البكري هذا متبوع، وبشرٍ: تابع له .. عطف بيان، ابن مالك يقول: لا يجوز أن يُعرب بدل، ما العلة؟ ما العلة في كونه لا يصح إعرابه بدل؟ البدل يحل محل المبدل منه، وهنا يصح ابْن التَّارِك بِشرٍ؟ لماذا لا يصح؟ نعم:
وَوَصْلُ أَلْ بِذَا المُضَافِ مُغْتَفَرْ ... إِنْ وُصِلَتْ بِالثَّانِ كَالْجَعْدِ الشَّعَرْ
أنا ابن التارك بشرٍ، الضارب زيدٍ، هل يصح؟ الضارب زيدٍ لا يصح، لأن المضاف إذا حُلَِّي بـ (أل) مما يشابه يفعلُ، حينئذٍ لا بد أن يكون المضاف إليه قد حُلِّي بـ (أل) أو مضاف إلى ما فيه (أل):
وَوَصْلُ أَلْ بِذَا المُضَافِ مُغْتَفَرْ ... إِنْ وُصِلَتْ بِالثَّانِ ............
إن لم توصل بالثاني لا يغتفر، فحينئذٍ (التَّارِكِ) اسم فاعل، وهو مضاف و (البَكْريِّ) مضافٌ إليه، (بِشْرٍ) هذا عطف بيان من المضاف إليه البَكْريّ، وحينئذٍ لمَّا لم يصح إحلال بشرٍ مقام البكري امتنع إعرابه بدل كل من كل، والسبب في ذلك أنه محلىً بـ (أل) المضاف، فلا يجوز.
(ونَحْو بِشْر تَابِع البَكْريِّ) أي: من كل تركيبٍ عطف فيه على اسمٍ خالٍ من (أل) معرَّف بها مضافٌ إليه وصفٌ مُحلى بـ (أل)، (وَلَيْسَ أَنْ يُبْدَلَ بِالمَرْضِيِّ) أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر اسم ليس، منه (بِالمَرْضِيِّ) المرضي: هذا خبر ليس دخلت عليه الباء الزائدة. هذا فيه تنكيت أو رداً على من جَوَّز الضارب زيدٍ وهو الفراء، يعني: ليس أن يُبدل منه بشرٍ من البكري بالمرضي، وإن جَوَّزه الفراء بناءً على جواز: الضارب زيدٍ، لأنه لم يشترط في المضاف إليه شيءٍ، وهذا راجعٌ للصورة الثانية، وصرح به مع علمه مما قبله رداً على الفراء المجوِّز للأول.
إذاً القاعدة العامة: أنه يصح كل ما أُعرِبَ عطف بيان أن يُعرب بدل كل من كل من غير عكس، إلا فيما استثناه الناظم والقاعدة فيه .. الضابط العام: أن يمتنع إحلاله محل الأول، فإن لم يمتنع حينئذٍ صح إعرابه بدل كل من كل. والضابط العام: إن لم يمتنع إحلاله محل الأول فإن امتنع حينئذٍ لا يصح، ومن صور الامتناع: يا زيد الحارث، الحارث: هذا عطف بيان، ولا يجوز إعرابه بدل كل من كل، لماذا؟ لأنه محلى بـ (أل) والمحلى بـ (أل) لا يتلوا ياء النداء إلا في صور معدودة، مستثناة وهذا ليس منها، لأنه لا يصح أن تقول: يا الحارث! هنا ليس كالسابق: (يَا غُلاَمُ يعْمُرا) يعْمُرَا: هذا عَلَم، لو كان: يعْمُرُ لصح، وهنا: يا زيد الحارث بالبناء على الضم، نقول: هذا لا يصح أن يكون بدل كل من كل .. من زيد، لماذا؟ لأنه يُقال: يا الحارث، لأن مدخول (أل) لا تدخل عليه ياء.