حَقِيقَةُ القَصْدِ، يعني: الأصل فيه ذلك، (حَقِيقَةُ القَصْدِ به مُنْكَشِفَهْ) يعني: انكشاف الذات التي هي المتبوع هذا المقصود .. المقصود به أصالةً هو الإيضاح والكشف، فلا يرد عطف البيان الذي للمدح وغيره، لماذا؟ لأنه وإن كان على قلة إلا أن الأصل والأكثر هو الإيضاح.
(حَقِيقَةُ القَصْدِ بِهِ مُنْكَشِفَهْ) قال بعضهم: أخرج النعت، أي: أنه فارَق عطف البيان النعت من حيث إنه يكشف المتبوع نفسه، يعني: بنفسه لا بمعنىً في المتبوع ولا في سببيه، ولذلك فُسِّرَ قوله: (بِهِ) يعني بنفسه، بخلاف النعت.
النعت: بما تضمنه من معنى، لاحظ معي: إذا قلت: جاء زيدٌ الفاضل .. جاء زيدٌ أخوك .. جاء زيدٌ الفاضل، الكشف والإيضاح حصل بالنعت لما فيه من معنى، لا بذات اللفظ، وأمَّا: جاء زيدٌ أخوك، فقلنا: مسمى أخوك هو عين مسمى زيد، فحصل الكشف بذات اللفظ لا بما تضمنه من معنى، لأنه كما سيأتي: عطف البيان لا يكون إلا جامداً، ففرقٌ بينهما من جهة أن عطف البيان يحصل به الكشف بذات اللفظ لا بما تضمنه من معنى، لأنه لا يتضمن معنى، لأنه ليس بمشتق بل هو جامد.
وأمَّا النعت فإنما يكشف لا بذاته، وإنما بما تضمنه النعت من معنى، معنىً في المتبوع، سواء كان حقيقياً أو في سببيه، وهو ما بعده .. الاسم المرفوع.
إذاً نقول: فارَق عطف البيان النعت: من حيث إنه يكشف المتبوع نفسه، لا بمعنىً في المتبوع، ولا في سببيه، وقيل: النعت خرج بقوله: شِبْهُ الصِّفَةْ، وهذا واضح .. هذا أجود، لأن شبه الشيء: غيره، وعليه فقوله: (حَقِيقَةُ القَصْدِ بِهِ مُنْكَشِفَهْ) لبيان الفرق بين النعت وعطف البيان لا للإخراج.
إذاً قوله: (شِبْهُ الصِّفَةْ) أخْرَج ثلاثة أنواع: عطف النسق، والتوكيد، والبدل، بقي ماذا؟ النعت، اختُلِفَ فيه: هل خرج بقوله: (شِبْهُ الصِّفَةْ) أو بقوله: (حقِيقَةُ القَصْدِ)؟ الظاهر أنه خرج بقوله: (شِبْهُ الصِّفَةْ) وحينئذٍ قوله: (حقِيقَةُ القَصْدِ) لا داعي له، لماذا؟ لأن عطف البيان شبه الصفة .. أشبه الصفة، أشبه الصفة في ماذا؟ في كونه موضحاً، وهو الذي دل عليه قوله: (حَقِيقَةُ القَصْدِ بِهِ مُنْكَشِفَهْ) إذاً: ليس فيه فائدة كبيرة بقوله: (حَقِيقَةُ القَصْدِ بِهِ مُنْكَشِفَهْ) فليس للإخراج، لأنه يُستغنى عنه بقوله: (شِبْهُ الصِّفَةْ) لأن شبه الشيء: غيره، لكن لمَّا كان هذا الشبه غير مُبيَّن فسره بقوله: (حَقِيقَةُ القَصْدِ بِهِ مُنْكَشِفَهْ).
يحتمل هذا، ويحتمل أنه إحالةٌ على ما سبق: النَّعْتُ تَابعٌ مُتِمٌّ مَا سَبَقْ، قلنا: المراد بكونه متماً ما سبق: أنه موضحٌ لمتبوعه في المعارف، ومخصصٌ لمتبوعه في النكرات، لما أحال هنا على ما هناك فسرناه بما سبق، حينئذٍ يكون تفسيراً لما أحال عليه.