(وَشِبْهِهِ كَذَا) أي: اسم الإشارة وهو النوع الأول من الجامد الذي يؤول بالمشتق، أي اسم الإشارة لكن يقيد بكونه لغير مكان، كثم وهنا لا يقع مباشرة نعتاً كما سيأتي، فإذا قلت: قام زيد هذا، هذا اسم إشارة، وزيد هذا فاعل، نقول: هذا (ذا) اسم إشارة نعت .. صفة لزيد كيف صفة وهو ليس بمشتق؟ نقول: هو في معنى المشتق؛ لأن أسماء الإشارة كلها سواء كان المفرد والمثنى والجمع في قوة قولك: الحاضر أو المشار إليه، والحاضر اسم فاعل من حضر والمشار إليه اسم مفعول، هي تدل على هذا المعنى، إذاً: كأنه قال: جاء زيد، أو هذا زيد الحاضرُ كأنه نعت بلفظ الحاضر، فهذا في قوة قولك الحاضر، أو هذا في قوة قولك المشار إليه، وكلاهما مشتقان.
إذاً: قام زيد هذا فإنه في قوة زيد الحاضر أو المشار إليه، فاسم الإشارة هنا نفسه نعت، بنفسه وقع نعتاً يعني لا بغيره.
فاسم الإشارة هنا نفسه نعت لزيد، أما اسم الإشارة لمكان كهنا وثم فإنه لا يقع نعتاً بنفسه؛ لكونه ظرفاً، فهذا مثل لو قيل: جاء رجل عندك، مثله، أو جاء رجل في العِلم بمكان مثلاً، فنقول: الظرف إذا وقع بعد النكرة وكذلك الجار والمجرور يتعلق بمحذوف، ليس هو عينه الصفة، وإنما يتعلق .. مثله اسم الإشارة إذا كان ظرف مكان.
فإنه لا يقع نعتاً بنفسه لكونه ظرفاً، لكنه يتعلق بمحذوف قد يكون نعتاً، رأيت رجلاً هنا، رأيت رجلاً فعل وفاعل ومفعول به، هنا هذا اسم إشارة هل نقول نعت مباشرة؟ نقول: لا. لكونه ظرفاً وهو اسم مكان نقول: متعلق بمحذوف نعت، إذاً وقع نعتاً لكن لا بنفسه مباشرة وإنما بواسطة غيره.
أي كائناً هنا، رأيت رجلاً هنا أي: كائناً هنا نقدره كائناً بالنصب.
إذاً: وَشِبْهِهِ كَذَا يعني مثل (ذا) وهو اسم إشارة، هل هو خاص بـ (ذا) أو يشمل فروع (ذا) ذان وتان وهؤلاء وأولى وأولاء، يشمل أو لا؟ نعم يشمل، فكل أسماء الإشارة داخلة، إذاً: كذا وفروعه، تقدره هكذا: كذا وفروعه من أسماء الإشارة غير المكانية.
(وَذِي) ذي هذا معطوف على (ذا) وهو في محل جر، ولذلك جره، قال: ذِي، فدل على أنه أراد بها بمعنى صاحب، ومن عمم قال بأنه أراد بها بمعنى: ذو الطائية أخطأ إلا إذا كانت في حال الإعراب وهي لغة قليلة لأنها مبنية، لو قال ابن مالك: كذا وذو قلنا: أطلق ذو بالرفع، فشمل حينئذٍ ذو التي بمعنى صاحب وذو الطائية، لكنه لما جرها ذي امتنع أن يكون المراد به ذو التي بمعنى الذي، وهي الطائية، وإن كانت مما يؤول، إلا إذا جعلنا ابن مالك رحمه الله أراد بذي النوعين، وهذا خلاف الأصل.
إذاً: الثاني من الجوامد مما يقع مؤولاً بالمشتق ذو بمعنى صاحب، تقول: هذا رجل ذو مال، ذو علم، ذو تقوى .. هذا رجل، رجل هذا منعوت، ذو وقعت نعت، ذو في اللفظ جامد، كيف صح إيقاعها نعت؟ حينئذٍ نقول: لأنها في قوة المشتق، والمشتق هو صاحب، كأنه قال: جاء رجل صاحب مال، صاحب علم، صاحب تقوى .. فأولت بالمشتق.
ويلحق به كذلك فروعه، وهي ذوا وذوي في المثنى المذكر، وذووا وذوي في جمع المذكر، وذات في المفردة المؤنثة، وذاتي في المثنى المؤنث، وذاتُ في جمع المؤنث، ولذلك جاء في القرآن: ((جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَي أُكُلٍ)) [سبأ:16] ذواتي هذا نعت لجنتين وهو مثنى.