فأما المشتق كما سبق مراراً فالمراد به ما دل على حدث وصاحبه، وفسرناه مراراً، ويشمل حينئذٍ اسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وأفعل التفضيل، وأمثلة المبالغة، وفعيلاً بمعنى مفعول .. هذه ستة، نقول: (وَانْعَتْ بِمُشْتَقًّ) كأنه قال لك: وانعت باسم الفاعل، واسم المفعول، والصفة المشبهة، وأفعل التفضيل، وأمثلة المبالغة، وفعيلاً أو فعيل بمعنى مفعول.

وهل يشمل المشتق؛ لأن المشتق عند النحاة غير المشتق عند الصرفيين، المشتق عند الصرفيين: كل ما أخذ من المصدر ولو لم يدل على ذات وحدث، وعند النحاة المشتق لا بد أن يكون دالاً على ذات وحدث، حينئذٍ اسم المكان، واسم الزمان، واسم الآلة عند الصرفيين هذه من المشتقات، حينئذٍ المشتقات عندهم عشرة أظن أو تسعة، فإذا قيل بأنه مشتق اسم الآلة، واسم المكان، واسم الزمان .. هل يدخل معنى هنا؟ نقول: لا. لماذا لا يدخل مع كونه مشتقاً؟ لأن أهل الاصطلاح إذا نصوا على شيء فإنما ينصرف على ما اصطلحوا عليه في ذلك الفن، فإذا قيل مشتق عند النحاة فمرادهم به ما دل على ذات وحدث، فحينئذٍ ما أخذ من المصدر للدلالة على زمان الفعل أو مكانه أو آلته، وذلك اسم المكان، اسم الزمان، اسم الآلة .. فلا ينعت بواحد من هذه الثلاثة البتة؛ لأنه عند النحاة ليس مشتقاً، وإنما هو اسم جامد.

والثاني: المؤول بالمشتق، هنا مثّل قال: (وَانْعَتْ بِمُشْتَقًّ كَصَعْبٍ وَذَرِبْ) صعب: فَعْل، ما نوعها؟ صفة مشبهة، لماذا حكمنا عليه بأنه صفة مشبهة؟ لأنه صعب فَعْل، وفَعْل هذا كما سبق أنه ليس اسم فاعل ولا اسم مفعول، اسم الفاعل الثلاثي فاعل، ومن غير الثلاثي مُفْعِل، واسم المفعول من الثلاثي مفعول، ومن غيره مُفعَل، إذاً صَعْب ليس واحداً منها.

إذاً: (كَصَعْبٍ) نقول: هذا صفة مشبهة، (وَذَرِبْ) بالذال مع كسر الراء فَعِل، صَعْب معلوم معناه، وَذَرِبْ المراد به الحاد من كل شيء، وهو كذلك صفة مشبهة.

(وَانْعَتْ بِمُشْتَقًّ) انْعَتْ: فعل أمر، قلنا الفاعل أنت، وهو يدل على الوجوب وهو مراد هنا، وبِمُشْتَقًّ متعلق به.

و (كَصَعْبٍ) هو أراد أن يمثل، فإذا كان كذلك صعبٍ جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، يعني وذلك كصعبٍ.

(وَذَرِبْ) معطوف على صعبٍ.

(وَشِبْهِهِ) هذا النوع الثاني، وهو الشبيه بالمشتق، وهو ما أقيم مقام المشتق في المعنى من الجوامد، إذاً هو جامد يعني ليس واحداً من اسم الفاعل ولا اسم المفعول وما عطف عليه مما ذكرناه في المشتق، ليس واحداً منها، وإنما يدل على ذات فقط، أو على معنى فقط.

الجامد إما أن يدل على ذات فقط وهو تسميه جامداً مثل: زيد، أو على معنى فقط مثل: عِلم، نقول: هذا معنى، ولا يدل على ذات، وزيد يدل على ذات لا على معنى.

فالجامد واحد من هذين الأمرين، إذا وقع نعتاً أُوِّل بالمشتق، لكن ليس كل ما يكون جامداً يُوؤل بالمشتق! لا. لا بد من نظر خاص عند النحاة.

والثاني: الجامد وهو المؤول بالمشتق ويشمل ما ذكره الناظم بقوله: (كَذَا) أي وذلك كـ ذا، (وَشِبْهِهِ) هذا معطوف على قوله: (بِمُشْتَقًّ).

(كَذَا) أي: مثل ذا، يعني: وذلك كـ ذا، فهو جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مبتدأ محذوف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015