وذهب المبرد: إلى أن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه، يعني: سوى بين الجميع، والصحيح هو أن العامل في البدلِ على نية تكرار العامل، بمعنى أن العامل ليس هو عين الأول خلاف السابق، جاءَ زيدٌ الفاضلُ، الفاضلُ قلنا: هذا مرفوع بجاء، العامل في المتبوع هو عين العامل في التابع، وأما في البدل فلا، فعلى نية تكرار العامل، إذا قلت: جاء زيدٌ أخوكَ، على أن أخوكَ بدل، كأنك قلت: جاء زيدٌ جاء أخوكَ؛ لأنه في الغالب أن المبدل منه في نية الطرح، فإذا كان في نية الطرح صار معرضاً عنه، وإذا صار معرضاً عنه لا يمكن أن يجمع بين البدل والمبدل منه في عاملٍ واحد، وهذا يأتي في المحل، والمراد هنا التعميم.

أن العامل في البدل هو العامل في المبدل منه .. هذا قول المبرد، واختاره ابن مالك، تسوية بينه وبين النعت، وأما عطف النسق: جاء زيدٌ وعمروٌ، فمذهب الجمهور: أن العامل فيه هو العامل في المعطوف عليه، لكنه عمل بواسطة حرف العطف: جاء زيدٌ وعمروٌ، عمروٌ مرفوع، ما الذي رفعه؟ نقول: جاء، مثل: جاء زيدٌ الفاضل، لكن هنا بواسطة حرف العطف، وقيل: حرف العطف؛ وقيل: عامل مقدر، لكنه عمل فيه بواسطة حرف العطف؛ وقيل: العامل هو حرف العطف، وقيل: العامل محذوف.

فَالنَّعْتُ تَابِعٌ مُتِمٌّ مَا سَبَقْ ... بِوَسْمِهِ أَوْ وَسْمِ مَا بِهِ اعْتَلَقْ

هذا تعريف وشروع من الناظم في بيان النعت، وهو أول التوابع.

فَالنَّعْتُ: الفاء هذه فاء الفصيحة، النعتُ اصطلاحاً .. في اصطلاح النحاة.

قوله: النَّعْتُ، النعت هل هو مغاير للصفة؟ أم أنهما متغايران؟ ابن القيم له بحث نفيس في بدائع الفوائد على أن ثم فرقاً بين النعت والصفة، وخص النعت بما يتغير، والوصف والصفة بما يثبت، العلم ثابت، والفضلُ ثابت مثلاً، حينئذٍ هذا يسمى صفةً، وأما ما يكون قابلاً للتغير كقامَ وضربَ، ضارب وقائم، نقول: هذا نعت، ولذلك يقول: نعوتُ الرب وصفاته كثيرٌ هكذا؛ لأن بينهما فرق.

إذاً: النعت ويقال له الوصف والصفة، وقيل: النعت خاص بما يتغير والوصف والصفة لا يختصان به، يعني: كل نعت صفة ولا عكس، يعني: الصفة والوصف أعم من النعت، يشمل ما يتغير وما لا يتغير، نحو: عالم وفاضل.

وفي القاموس: النعت والوصف مصدران بمعنى واحد، وأن الصفة تطلق مصدراً بمعنى الوصف واسماً لما قام بالذات كالعلم والسواد.

إذاً: في القاموس وهو كتاب مرجع لغة؛ أن النعت والصفة بمعنى واحد، وإذا فُصِّل بين النعت والصفة حينئذٍ نحتاج إلى نقل، وإلا يصير من قبيل الاصطلاح، إذا فرق مفرق بينهما إما أن يثبته لغةً، وإما أن يدعي أنه اصطلاح، إذا قال: هذا هو لسان العرب، لابد من إثباته، وإذا قيل: بأنه اصطلاح لا إشكال فيه.

فَالنَّعْتُ -اصطلاحاً- تَابِعٌ مُتِمٌّ مَا سَبَقْ ... بِوَسْمِهِ أَوْ وَسْمِ مَا بِهِ اعْتَلَقْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015